وليست بالقوية . وقرئ : لا ترى إلا مسكنهم ولا يرى إلا مسكنهم وروى أن الريح كانت كانت تحمل الفسطاط والظعينة فترفعها في الجو حتى ترى كأنها جرادة . وقيل : أول من أبصر العذاب امرأة منهم قالت : رأيت ريحا فيها كشهب النار . وروي : أول ما عرفوا به أنة عذاب : أنهم رأوا ما كان في الصحراء من رحالهم ومواشيهم تطير به الريح بين السماء والأرض فدخلوا بيوتهم وغلقوا أبوابهم فقلعت الريح الأبواب وصرعهم وأمال الله عليهم الأحقاف فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام لهم أنين ثم كشفت الريح عنه فاحتملتهم فطرحتهم في البحر . وروى أن هودا لما أحس بالريح خط على نفسه وعلى المؤمنين خطا إلى جنب عين تنبع . وعن ابن عباس Bهما : اعتزل هود ومن معه في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلا ما يلين على المجلود وتلذه الأنفس . وإنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء وتدمغهم بالحجارة وعن النبي A أنه كان إذا رأى الريح فزع وقال : " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به وإذا رأى مخيلة قام وقعد وجاء وذهب وتغير لونه فيقال له : يا رسول الله ما تخاف . فيقول : إني أخاف أن يكون مثل قوم عاد حيث قالوا : هذا عارض ممطرنا " . فإن قلت : ما فائدة إضافة الرب إلى الريح . قلت : الدلالة على أن الريح وتصريف أعنتها مما يشهد لعظم قدرته لأنها من أعاجيب خلقه وأكابر جنوده وذكر الأمر وكونها مأمورة من جهته D يعضد ذلك ويقويه .
" ولقد مكناكم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون " .
" إن " نافية أي : فيما ما مكناكم فيه إلا أن " إن " أحسن في اللفظ لما في مجامعة ما مثلها من التكرير المستبشع . ومثله مجتنب ألا ترى أن الأصل في مهما : ماما فلبشاعة التكرير قلبوا الألف هاء . ولقد أغث أبو الطيب في قوله : .
لعمرك ماما بان منك لضارب .
وما ضره لو اقتدى بعذوبة لفظ التنزيل فقال : لعمرك ما إن بان منك لضارب وقد جعلت إن صلة مثلها فيما أنشد الأخفش : .
يرجى المرء ما أن لا يراه ... وتعوض دون أدناه الخطوب .
وتؤول بإنا مكناهم في مثل ما مكناكم فيه والوجه هو الأول ولقد جاء عليه غير آية في القرآن " هم أحسن أثاثا ورئيا " مريم : 74 ، " كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا " غافر : 82 ، وهو أبلغ في التوبيخ وأدخل في الحث على الاعتبار " من شيء " أي من شيء من الإغناء وهو القليل منه . فإن قلت بم انتصب " إذ كانوا يجحدون " قلت بقوله تعالى : " فما أغنى " فإن قلت : لم جرى مجرى التعليل . قلت : لاستواء مؤدى التعليل والظرف في قولك : ضربته لإساءته وضربته إذ أساء لأنك إذا ضربته في وقت إساءته فإنما ضربته فيه لوجود إساءته فيه إلا أن إذ وحيث غلبتما دون سائر الظروف في ذلك .
" ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون " .
" ما حولكم " يا أهل مكة " من القرى " من نحو حجر ثمود وقرية سدوم وغيرهما . والمراد : أهل القرى . ولذلك قال : " لعلهم يرجعون " .
" فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة بل ضلوا عنهم وذلك إفكا وما كانوا يفترون " .
القربان : ما تقرب به إلى الله تعالى أي : اتخذوهم شفعاء متقربا بهم إلى الله حيث قالوا : هؤلاء شفعاؤنا عند الله . وأحد مفعولي اتخذ الراجع إلى الذين المحذوف والثاني : آلهة . وقربانا : حال ولا يصح أن يكون قربانا مفعولا ثانيا وآلهة بدلا منه لفساد المعنى . وقرئ قربانا بضم الراء . والمعنى : فهلا منعهم من الهلاك آلهتهم " بل ضلوا عنهم " أي غابوا عن نصرتهم " وذلك " إشارة إلى امتناع نصرة آلهتهم لهم وضلالهم عنهم أي : وذلك أثر إفكهم الذي هو اتخاذهم إياها آلهة وثمرة شركهم وافترائهم على الله الكذب من كونه ذا شركاء . وقرئ إفكهم والأفك والإفك : كالحذر والحذر . وقرئ : وذلك إفكهم أي : وذلك الاتخاذ الذي هذا أثره وثمرته صرفهم عن الحق . وقرئ : أفكهم على التشديد للمبالغة . وآفكهم جعلهم آفكين . وآفكهم أي : قولهم الآفك ذو الإفك كما تقول قول كاذب وذلك إفك مما كانوا يفترون أي : بعض ما كانوا يفترون من الإفك