لقد جئتم بها هرقلية أتبايعون لأبنائكم . فقال مروان : يا أيها الناس هو الذي قال الله فيه : " والذي قال لوالديه أف لكما " فسمعت عائشة فغضبت وقالت : والله ما هو به ولو شئت أن أسميه لسميته ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه فأنت فضض من لعنة الله . وقرئ : أف بالكسر والفتح بغير تنوين وبالحركات الثلاث مع التنوين وهو صوت إذا صوت به الإنسان علم أنه متضجر كما إذا قال : حس علم منه أنه متوجع واللام للبيان معناه : هذا التأفيف لكما خاصة ولأجلكما دون غيركما . وقرئ أتعدانني بنونين . وأتعداني : بأحدهما . وأتعداني : بالإدغام . وقد قرأ بعضهم : أتعدانني بفتح النون كأنه استثقل اجتماع النونين والكسرتين والياء ففتح الأولى تحريا للتخفيف كما تحراه من أدغم ومن أطرح أحدهما " أن أخرج " أن أبعث وأخرج من الأرض . وقرئ : أخرج " وقد خلت القرون من قبلي " يعني : ولم يبعث منهم أحد " يستغيثان الله " يقولان : الغياث بالله منك ومن قولك وهو استعظام لقوله : " ويلك " دعاء عليه بالثبور : والمراد به الحث والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك " في أمم " نحو قوله : " في أصحاب الجنة " الأحقاف : 16 ، وقرئ : أن بالفتح على معنى : آمن بأن وعد الله حق .
" ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون " .
" ولكل " من الجنسين المذكورين " درجات مما عملوا " أي منازل ومراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر ؟ أو من أجل ما عملوا منهما . فإن قلت : كيف قيل : درجات وقد جاء : الجنة درجات والنار دركات . قلت : يجوز أن يقال ذلك على وجه التغليب لاشتمال كل على الفريقين " وليوفهم " وقرئ : بالنون تعليل معلله محفوف لدلالة الكلام عليه كأنه قيل : وليوفيهم أعمالهم ولا يظلمهم حقوقهم قدر جزاءهم على مقادير أعمالهم فجعل الثواب درجات والعقاب دركات .
" ويوم يعرض الذي كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق ربما كنتم تفسقون " .
ناصب الظرف هو القول المضمر قبل أذهبتم وعرضهم على النار : تعذيبهم بها من قولهم : عرض بنو فلان على السيف إذا قتلوا به ومنه قوله تعالى : " النار تعرضون عليها " غافر : 46 ، ويجوز أن يراد : عرض النار عليهم من قولهم : عرضت الناقة على الحوض يريدون : عرض الحوض عليها فقلبوا . ويدل عليه تفسير ابن عباس Bه : يجاء بهم إليها فيكشف لهم عنها " أذهبتم طيباتكم " أي : ما كتب لكم حظ من الطيبات إلا ما قد أصبتموه في دنياكم وقد ذهبتم به وأخذتموه فلم يبق لكم بعد استيفاء حظكم شيء منها . وعن عمر Bه : لو شئت لدعوت بصلائق وصناب وكراكر وأسمنة ولكني رأيت الله تعالى نعى على قوم طيباتهم فقال : أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا . وعنه : لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وأحسنكم لباسا ولكني أستبقى طيباتي وعن رسول الله A : " أنه دخل على أهل الصفة وهم يرقعون ثيابهم بالأدم ما يجدون لها رقاعا فقال : " أأنتم اليوم خير أم يوم يغدو أحدكم في حلة ويروح في أخرى ويغلى عليه بجفنة ويراح عليه بأخرى وتستر بيته كما تستر الكعبة . قالوا : نحن يومئذ خير . قال : بل أنتم اليوم خير " وقرئ : أأذهبتم بهمزة الاستفهام . وآاذهبتم بألف بين همزتين : الهون والهوان وقرئ عذاب الهوان وقرئ : " يفسقون " بضم السين وكسرها .
" واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه إلا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم "