أتت الأنصار رسول الله A بمال جمعوه وقالوا : يا رسول الله قد هدانا الله بك وأنت ابن أختنا وتعروك نوائب وحقوق ومالك سعة فاستعن بهذا على ما ينوبك فنزلت ورده . وقيل " القربى " : التقرب إلى الله تعالى أي : إلا أن تحبوا الله ورسوله في تقربكم إليه بالطاعة والعمل الصالح . وقرئ : إلا موة في القربى " ومن يقترف حسنة " عن السدي أنها المودة في آل رسول الله A نزلت في أبي بكر الصديق Bه ومودته فيهم . والظاهر : العموم في أي حسنة كانت إلا أنها لما ذكرت عقيب ذكر المودة في القربى : دل ذلك على أنها تناولت المودة تناولا أوليا كأن سائر الحسنات لها توابع . وقرئ يزد أي : يزد الله . وزيادة حسنها من جهة الله مضاعفتها كقوله تعالى : " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة " البقرة : 245 ، وقرئ حسنى وهي مصدر كالبشرى الشكور في صفة الله : مجاز للاعتداد بالطاعة وتوفية ثوابها والتفضل على المثاب .
" أم يقولون أفترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمحو الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور " .
" أم " منقطعة . ومعنى الهمزة فيه التوبيخ كأنه قيل : أيتمالكون أن ينسبوا مثله إلى الافتراء ثم إلى الافتراء على الله الذي هو أعظم الفرى وأفحشها " فإن يشأ الله يختم على قلبك " فان يشأ الله يجعلك من المختوم على قلوبهم حتى تفتري عليه الكذب فإنه لا يجترئ على افتراء الكذب على الله إلا من كان في مثل حالهم وهذا الأسلوب مؤداه استبعاد الافتراء من مثله وأنه في البعد مثل الشرك بالله والدخول في جملة المختوم على قلوبهم . ومثال هذا : أن يخون بعض الأمناء فيقول لعل الله خذلني لعل الله أعمى قلبي وهو لا يريد إثبات الخذلان وعمى القلب . وإنما يريد استبعاد أن يخون مثله والتنبيه على أنه ركب من تخوينه أمر عظيم ثم قال : ومن عادة الله أن يمحو الباطل ويثبت الحق " بكلماته " بوحيه أو بقضائه كقوله تعالى : " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه " الأنبياء : 18 ، يعني : لو كان مفتريا كما تزعمون لكشف الله افتراءه ومحقه وقذف بالحق على باطله فدمغه . ويجوزأن يكون عدة لرسول الله A بأنه يمحو الباطل الذي هم عليه من البهت والتكذيب ويثبت الحق الذي أنت عليه بالقرآن وبقضائه الذي لا مرد له من نصرتك عليهم إن الله عليم بما في صدرك وصدورهم فيجري الأمر على حسب ذلك . وعن قتادة " يختم على قلبك " : ينسك القرآن ويقطع عنك الوحي يعني : لو افترى على الله الكذب لفعل به ذلك وقيل " يختم على قلبك " : يربط عليه بالصبر حتى لا يشق عليك أذاهم . فان قلت : إن كان قوله : " ويمح الله الباطل " كلاما مبتدأ غير معطوف على يختم فما بال الواو ساقطة في الخط ؟ قلت : كما سقطت في قوله تعالى : " ويدع الإنسان بالشر " الإسراء : 11 ، وقوله تعالى : " سندع الزبانية " العلق : 18 ، على أنها مثبتة في بعض المصاحف .
" هو الذي يقبل التوبة من عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون " .
يقال : قبلت منه الشيء وقبلته عنه . فمعنى قبلته منه : أخذته منه وجعلته مبدأ قبولي ومنشأه . ومعنى : قبلته عنه : عزلته وأبنته عنه . والتوبة : أن يرجع عن القبيح والإحلال بالواجب بالندم عليهما والعزم على أن لا يعاود لأن المرجوع عنه قبيح وإخلال بالواجب . وإن كان فيه لعبد حق : لم يكن بد من التفصي على طريقه وروى جابر أن أعرابيا دخل مسجد رسول الله A وقال : اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك وكبر فلما فرغ من صلاته قال له علي Bه : يا هذا إن سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذابين وتوبتك تحتاج إلى التوبة . فقال : يا أمير المؤمنين وما التوبة ؟ قال : اسم يقع على ستة معان : على الماضي من الذنوب الندامة ولتضييع الفرائض الإعادة ورد المظالم وإذابة النفس في الطاعة كما ربيتها في المعصية وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية والبكاء بدل كل ضحك ضحكته " ويعفوا عن السيئات " عن الكبائر إذا تيب عنها وعن الصغائر إذا اجتنبت الكبائر " ويعلم ما تفعلون " . قرئ بالتاء والياء : أي : يعلمه فيثيب على حسناته ويعاقب على سيئاته .
" ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد "