قلت : يا رسول الله أخبرني بأمر أعتصم به . قال : " قل ربي الله ثم استقم " قال فقلت : ما أخوف ما تخاف علي ؟ فأخذ رسول الله A بلسان نفسه فقال : هذا . " تتنزل عليهم الملائكة " عند الموت بالبشرى . وقيل : البشرى في ثلاثة مواطن : عند الموت وفي القبر وإذا قاموا من قبورهم " ألا تخافوا " أن بمعنى أي . أو مخففة الثقيلة . وأصله : بأنه لا تخافوا والهاء ضمير الشأن . وفي قراءة ابن مسعود Bه : لا تخافوا أي : يقولون : لا تخافوا والخوف : غم يلحق لتوقع المكروه والحزن : غم يلحق لوقوعه من فوات نافع أو حصول ضار . والمعنى : أن الله كتب لكم الأمن من كل غم فلن تذوقوه أبدا . وقيل : لا تخافوا ما تقدمون عليه ولا تحزنوا على ما خلفتم . كما أن الشياطين قرناء العصاة وإخوانهم فكذلك الملائكة أولياء المتقين وأحباؤهم في الدارين " تدعونا " تتمنون : والنزل : رزق النزيل وهو الضيف وانتصابه على الحال .
" ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين " .
" ممن دعا إلى الله " عن ابن عباس Bهما : هو رسول الله A دعا إلى الإسلام " وعمل صالحا " فيما بينه وبين ربه وجعل الإسلام نحلة له . وصف : أنهم أصحاب رسول الله A . وعن عائشة رضي الله عنها : ما كنا نشك أن هذه الآية نزلت في المؤذنين وهي عامة في كل من جمع بين هذه الثلاث : أن يكون موحدا معتقدا لدين الإسلام عاملا بالخير داعيا إليه وما هم إلا طبقة العالمين العاملين من أهل العدل والتوحيد الدعاة إلى دين الله وقوله : " وقال إنني من المسلمين " ليس الغرض أنه تكلم بهذا الكلام ولكن جعل دين الإسلام مذهبه ومعتقده كما تقول : هذا قول أبي حنيفة تريد مذهبه .
" لا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " .
يعني : أن الحسنة والسيئة متفاوتتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التي هي أحسن من أختها إذا اعترضتك حسنتان فادفع بها السيئة التي ترد عليك من بعض أعدائك . ومثال ذلك : رجل أساء إليك إساءة فالحسنة : أن تعفو عنه والتي هي أحسن : أن تحسن إليه مكان إساءته إليك مثل أن يذمك فتمدحه ويقتل ولدك فتفتدي ولده من يد عدوه فإنك إذا فعلت ذلك انقلب عدوك المشاق مثل الولي الحميم مصافاة لك . ثم قال : وما يلقى هذه الخليقة أو السجية التي هي مقابلة الإساءة بالإحسان إلا أهل الصبر وإلا رجل خير وفق لحظ عظيم من الخير . فإن قلت : فهلا قيل : فادفع بالتي هي أحسن . قلت : هو على تقدير قائل قال : فكيف أصنع . فقيل : ادفع بالتي هي أحسن . وقيل : لا مزيدة . والمعنى : ولا تستوي الحسنة والسيئة . فإن قلت : فكان القياس على هذا التفسير أن يقال : ادفع بالتي هي حسنة قلت : أجل ولكن وضع التي هي أحسن موضع الحسنة ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة لأن من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما هو دونها . وعن ابن عباس Bهما : " بالتي هي أحسن " الصبر عند الغضب والحلم عند الجهل والعفو عند الإساءة وفسر الحظ بالثواب . وعن الحسن C : والله ما عظم حظ دون الجنة وقيل : نزلت في أبي سفيان بن حرب وكان عدوا مؤذيا لرسول الله A فصار وليا مصافيا .
" وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم " .
النزغ والنسغ بمعنى : وهو شبه النخس . والشيطان ينزغ الإنسان كأنه ينخسه ببعثه على ما لا ينبغي . وجعل النزغ نازغا كما قيل : جد جده . أو أريد : وإما ينزغنك نازغ وصفا للشيطان بالمصدر . أو لتسويله . والمعنى : وإن صرفك الشيطان عما وصيت به من الدفع بالتي هي أحسن " فاستعذ بالله " من شره وامض على شأنك ولا تطعه .
" ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون "