وقيل : كان يستظل بالشجرة وكانت وعلة تختلف إليه فيشرب من لبنها . وروي : أنه مر زمان على الشجرة فيبست فبكى جزعا فأوحى الله إليه : بكيتعلى شجرة ولا تبكي على مائة ألف في يد الكافر فإن قلت : ما معنى " وأنبتنا عليه شجرة " ؟ قلت : أنبتناها فوقه مظلة له كما يطنب البيت على الإنسان " وأرسلنه إلى مائة ألف " المراد به ما سبق عن إرساله إلى قومه وهم أهل نينوى . وقيل : هو إرسال ثان بعد ما جرى عليه إلى الأولين . أو إلى غيرهم . وقيل : أسلموا فسألوه أن يرجع إليهم فأبى لأن النبي إذا هاجر عن قومه لم يرجع إليهم مقيما فيهم وقال لهم : إن الله باعث إليكم نبيا " أو يزيدون " في مرأى الناظر أي : إذا رآها الرائي قال : هي مائة ألف أو أكثر والغرض : الوصف بالكثرة " إلى حين " إلى أجل مسمى وقرىء : " ويزيدون " بالواو . و " حتى حين " . " فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون أم خلفنا الملئكة إنثا وهم شهدون ألآ إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكذبون أصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون أفلا تذكرون أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتبكم إن كنتم صادقين " " فاستفتهم " معطوف على مثله في أول السورة وإن تباعدت بينهما المسافة أمر رسوله باستفتاء قريش عن وجه إنكار البعث أولا ثم ساق الكلام موصولا بعضه ببعض ثم أمره باستفتائهم عن وجه القسمة الضيزى التي قسموها حيث جعلوا لله الإناث ولأنفسهم الذكور في قولهم : الملائكة بنات الله مع كراهتهم الشديدة لهن ووأدهم واستنكافهم من ذكرهن . ولقد ارتكبوا في ذلك ثلاثة أنواع من الكفر أحدها : التجسيم لأن الولادة مختصة بالأجسام والثاني : تفضيل أنفسهم على ربهم حين جعلوا أوضع الجنسين له وأرفعهما لهم كما قال : " وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمان مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم " الزخرف : 17 ، " أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين " الزخرف : 18 ، والثالث : أنهم استهانوا بأكرم خلق الله عليه وأقربهم إليه حيث أنثوهم ولو قيل لأقلهم وأدناهم : فيك أنوثة أو شكلك شكل النساء للبس لقائله جلد النمر ولانقلبت حماليقه وذلك في أهاجيهم بين مكشوف فكرر الله سبحانه الأنواع كلها في كتابه مرات ودل على فظاعتها في آيات : " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا " مريم : 88 - 89 ، " وقالوا اتخذ الرحمان ولدا سبحانه بل عباد مكرمون " الأنبياء : آية 2 ، " وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السموات والأرض " البقرة : 116 ، " بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد " الأنعام : 151 ، " ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله " الصافات : 151 ، 152 ، " وجعلوا له من عباده جزءا " الزخرف : 15 ، " ويجعلون لله بنات سبحانه ولهم ما يشتهون " النحل : 57 ، " أم له البنات ولكم البنون " الطور : 39 ، " ويجعلون لله ما يكرهون " النحل : 62 " أصطفى البنات على البنين " الصافات : 153 ، " أم أتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين " الزخرف : 16 ، " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا " الزخرف : 119 . " أم خلقنا الملئكة إنثا وهم شهدون "