فإن قلت : فهلا حملت على هذا إلياسين على القطع وأخواته ؟ قلت : لو كان جمعا لعرف بالألف واللام . وأما من قرأ : " على آل ياسين " فعلى أن ياسين اسم أبي إلياس أضيف إليه الآل . " وإن لوطا لمن المرسلين إذ نجينه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغبرين ثم دمرنا الآخرين وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وباليل أفلا تعقلون " " مصبحين " داخلين في الصباح يعني : تمرون على منازلهم في متاجركم إلى الشام ليلا ونهارا فما فيكم عقول تعتبرون بها . " وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون فنبذنه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلنه إلى مائة ألف أو يزيدون فئامنوا فمتعنهم إلى حين " قرىء : " يونس " بضم النون وكسرها . وسمي هربه من قومه بغير إذن ربه : إباقا على طريقة المجاز . والمساهمة : المقارعة . ويقال : استهم القوم إذا اقترعوا . والمدحض : المغلوب المقروع . وحقيقته : المزلق عن مقام الظفر والغلبة . روى : حين ركب في السفينة وقفت فقالوا : ههنا عبد أبق من سيده وفيما يزعم البحارون السفينة إذا كان فيها آبق لم تجر فاقترعوا فخرجت القرعة على يونس فقال : أنا الآبق وزج بنفسه في الماء " فالتقمه الحوت وهو مليم " داخل في الملامة . يقال : رب لائم أي يلوم غيره وهو أحق منه باللوم . وقرىء : " مليم " بفتح الميم من ليم فهو مليم كما جاء : مشيب في مشوب مبنيا على شيب . ونحوه : مدعي بناء على دعى " من المسبحين " من الذاكرين الله كثيرا بالتسبيح والتقديس . وقيل : هو قوله في بطن الحوت " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " الأنبياء : 87 ، وقيل : من المصلين . وعن ابن عباس : كل تسبيح في القرآن فهو صلاة . وعن قتادة : كان كثير الصلاة في الرخاء . قال : وكان يقال : إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر وإذا صرع وجد متكأ . وهذا ترغيب من الله D في إكثار المؤمن من ذكره بما هو أهله وإقباله على عبادته وجمع همه لتقييد نعمته بالشكر في وقت المهلة والفسحة لينفعه ذلك عنده تعالى في المضايق والشدائد " للبث في بطنه " الظاهر لبثه فيه حيا إلى يوم البعث . وعن قتادة : لكان بطن الحوت له قبرا إلى يوم القيامة . وروي أنه حين ابتلعه أوحى الله إلى الحوت : إني جعلت بطنك له سجنا ولم أجعله لك طعاما . واختلف في مقدار لبثه فعن الكلبي : أربعون يوما وعن الضحاك : عشرون يوما . وعن عطاء سبعة . وعن بعضهم : ثلاثة . وعن الحسن : لم يلبث إلا قليلا ثم أخرج من بطنه بعيد الوقت الذي التقم فيه . وروي : أن الحوت سار مع السفينة رافعا رأسه يتنفس فيه يونس ويسبح ولم يفارقهم حتى انتهوا إلى البر فلفظه سالما لم يتغير منه شيء فأسلموا : وروي أن الحوت قذفه بساحل قرية من الموصل . والعراء : المكان الخالي لا شجر فيه ولا شي يغطيه " وهو سقيم " اعتل مما حل به وروي : أنه عاد بدنه كبدن الصبي حين يولد واليقطين : كل ما ينسدح على وجه الأرض ولا يقوم على ساق كشجر البطيخ والقثاء والحنظل وهو يفعيل من قطن بالمكان إذا قام به . وقيل هو : الدباء . وفائدة الدباء : أن الذباب لا يجتمع عنده وقيل لرسول الله A : إنك لتحب القرع . قال : " أجل هي شجرة أخي يونس " وقيل : هي التين وقيل : شجرة الموز تغطى بورقها . واستظل بأغصانها وأفطر على ثمارها