لأنه قصد أن يصور لقومه الحالة التي تشجع فيها بزعمه على ضرب الغول وكأنه يبصرهم إياها ويطلعهم على كنهها مشاهدة للتعجيب من جرأته على كل هول وثباته عند كل شدة . وكذلك شوق السحاب إلى البلد الميت وإحياء الأرض بالمطر بعد موتها : لما كانا من الدلائل على القدرة الباهرة قيل : فسقنا وأحيينا ؛ معدولا بهما عن لفظ الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدل عليه . والكاف في " كذلك " في محل الرفع أي : مثل إحياء الموات نشور الأموات وروي : أنه قيل لرسول الله A : كيف يحيى الله الموتى ؟ وما آية ذلك في خلقه ؟ فقال : هل مررت بوادي أهلك محلا ثم مررت به يهتز خضرا قال : نعم . قال : فكذلك يحيى الله الموتى وتلك آيته في خلقه . وقيل : يحيى الله الخلق يماء يرسله من تحت العرش كمني الرجال تنبت منه أجساد الخلق .
" من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصلاح يرفعه والذين يمكورن السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور " كان الكافرون يتعززون بالأصنام كما قال D : " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا " مريم : 81 ، والذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطأة قلوبهم كانوا يتعززون بالمشركين كما قال تعالى : " الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا " النساء : 139 فبين أن لا عزة إلا لله ولأوليائه . وقال : " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " المنافقون : 63 والمعنى فليطلبها عند الله فوضع قوله : " فلله العزة جميعا " موضعه استغناء به عنه لدلالته عليه ؛ لأن الشيء لا يطلب إلا عند صاحبه ومالكه . ونظيره قولك : من أراد النصيحة فهي عند الأبرار تريد : فليطبها إلا عند صاحبه ومالكه . ونظيره قولك : من أراد النصيحة فهي عند الأبرار تريد : فليطلبها عندهم ؛ إلا أنك أقمت ما يدل عليه مقامه . ومعنى : " فلله العزة جميعا " أن العزة كلها مختصة بالله : عزة الدنيا وعزة الآخرة . ثم عرف أن ما تطلب به العزة هو الإيمان والعمل الصالح بقوله : " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " والكلم الكيب : لا إله إلا الله . عن ابن عباس Bهما : يعني أن هذه الكلم لا تقبل . ولا تصعد إلى السماء فتكتب حيث تكتب الأعمال المقبولة كما قال D : " إن كتاب الأبرار لفي عليين " المطففين : 18 إلا إذا اقترن بها العمل الصالح الذي يحققها ويصدقها فرفعها وأصعدها . وقيل : الرافع الكم والمرفوع العمل ؛ لأنه لا يقبل عمل إلا من موحد . وقيل : الرافع هو الله تعالى والمرفوع العمل . وقيل : الكلم الطيب : كل ذكر من تكبير وتسبيح وتهليل وقراءة قرآن ودعاء واستغفار وغير ذلك . وعن النبي A : هو قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر إذا قالها العبد عرج بها الملك إلى السماء فحيا بها وجه الرحمن فإذا لم يكن عمل صالح لم يقبل منه وفي الحديث :