ولا يقبل الله قولا إلا بعمل ولا يقبل قولا ولا عملا إلا بنية ولا يقبل قولا وعملا ونية إلا بإصابة السنة . وعن ابن المقفع : قول بلا عمل كثريد بلا دسم وسحاب بلا مطر وقوس بلا وتر . قرئ : " إليه يصعد الكلم الطيب " على البناء للمفعول . و " إليه يصعد الكلم الطيب " على تسمية الفاعل من أصعد والمصعد : هو الرجل أي سصعد إلى الله D الكلم الطيب وإليه يصعد الكلام الطيب . وقرئ : " والعمل الصالح يرفعه " بنصب العمل والرافع الكلم أو الله D . فإن قلت : مكر : فعل غير متعد . لا يقال : مكر فلان علمه فبم نصب " السيئات " ؟ قلت : هذه صفة للمصدر أو لما في حكمه كقوله تعالى : " آلا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " فاطر : 43 أصله والذين مكروا المكرات السيئات . أو أصناف المكر السيئات وعني بهن مكرات قريش حين اجتمعوا في دار الندوة وتداوروا الرأي في إحدى ثلاث مكرات يمكونها برسول الله A : إما إثباته أو قتله أو إخراجه كما نحكى الله سبحانه عنهم " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوا أو يقتلوك أو يخرجوك " الأنفال : 30 . " ومكر أولئك هو يبور " يعني : مكر أولئك الذين مكروا تلك المكرات الثلاث هو خاصة يبور أي يكسد ويفسد دون مكر الله بهم حين أخرجهم من مكة وقتلهم وأثبتهم في قليب بدر فجمع عليهم مكراتهم جميعا وحقق فيهم قوله : " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " الأنفال : 30 وقوله : " ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " .
" والله خلقكم من تراب ثممن نظفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير " " أوزاجا " أصنافا أو ذكرانا وإناثا كقوله تعالى : " أو يزوجهم ذكرانا وإناثا " الشورى : 50 وعن قتادة Bه : زوج بعضهم بعضا " بعلمه " في موضع الحال أي : إلا معلوم له . فإن قلت : ما معنى قوله : " وما يعمر من معمر " ؟ قلت : معناه وما يعمر من أحد وإنما سماه معمرا بما هو صائر إليه فإن قلت : إنسان إما معمر أي طويل العمر : أو منقوص العمر أي قصيره . فأما أن يتعاقب عليه التعمير وخلافه فمحال فكيف صح قوله : " وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره " ؟ قلت : هذا من الكلام المتسامح فيه ثقة في تأويله بأفهام السامعين واتكالا على تسديدهم معناه بعقولهم وأنه لا يلتبس عليهم إحالة الطول والقصؤ في عمر واحد . وعليه كلام الناس المستفيض . يقولون : لا يثيب الله عبدا ولا يعاقبه إلا بحق . وما تنعمت بلدا ولا اجتويته إلا قل فيه ثوائي وفيه تأويل آخر : هو أنه لا يطول عمر إنسان ولا مقصر إلا في كتاب وصورته : أن يكتب في اللوح : إن حج فلان أو غزا فعمره أربعون سنة وإن حج وغزا فعمره ستون سنة فإذا جمع بينهما فبلع الستين فقد عمر . إذا أفرد أحدهما فلم يتجاوز به الأربعون فقد نقص من عمره الذي هو الغاية وهو الستون . وإليه أشار رسول الله A في قوله : إن الصدقة والصلة تعمران الديار وتزيدان في الأعمار وعن كعب أنه قال حين طعن عمر Bه : لو أن عمر دعا الله لأخر في أجله فقيل لكعب : أليس قد قال الله : " إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " يونس : 49 قال : فقد قال الله : " وما يعمر من معمر " وقد استفاض على الألسنة : أطال الله بقاءك وفسح في مدتك وما أشبه . وعن سعيد بن جبير Bه : يكتب في الصحيفة عمره كذا وكذا سنة ثم يكتب في أسفبل ذلك : ذهب يوم ذهب يومان حتى يأتي على آخره . وعن قتادة Bه : المعمر من بلغ الستين سنة والمنقوص من عمره من يموت فبل ستين سنة والكتاب : اللوح . عن ابن عباس Bهما : ويجوز أن يراد بكتاب الله : علم الله أو صحيفة الإنسان . وقرئ : ولا ينقص على تسمية الفاعل من عمره بالتخفيف .
" وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شاربه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "