سمى الماء بأسمه الآبال ؛ لأنه سبب سمن المال وارتفاع أسمنة ولم يرد لفظ النكاح في كتاب الله إلآ في معنى العقد ؛ لأنه في معنى الوطء من باب التصريح به . ومن آداب القرآن : الكناية عنه بلفظ الملامسة والمماسة والقربان والتغشي والإتيان . فإن قلت : لم خص المؤمنات والحكم الذي نطقت به الآية تستوي فيه المؤمنات والكتابيات ؟ قلت : في اختصاصهن تنبيه على أن أصل أمر المؤمن والأولى به . أن يتخير لنظفته وأن لا ينكح المحصنات من الذين أوتوا الكتاب . وهذه فيها تعليم ما هو الأولى بالمؤمنين من نكاح المؤمنات . فإن قلت : ما فائدة ثم في قوله : " ثم طلقتموهن " قلت : فائداته نفي التوهم عمن عسى يتوهم تفاوت الحكم : بين أن يطلقها وهي قريبة العهد من النكاح وبين أن يبعد عهدها بالنكاح ويتراخى بها المدة في حبال الزواج ثم يطلقها : فإن قلت : إذا خلا بها خلوة يمكنه معها المساس هل يقوم ذلك مقام المساس ؟ قلت : نعم . عند أبي حنيفة وأصحابه حكم الخلوة الصحيحة حكم المساس وقوله : " فما لكم عليهن من عدة " دليل على أن العدة حق واجب على النساء للرجال " تعتدونها " تستفون عددها من قولك : عددت الدراهم فاعتدها كقولك : كلته فاكتاله ووزنته فاتزنه . وقرئ : تعتدونها مخففا ؛ أي : تعتدون فيها كقوله : ويم شهدناه والمراد بالاعتداد ما في قوله تعالى : " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " البقرة : 231 . فإن قلت : ما هذا التمتع أواجب أم مندوب إليه ؟ قلت : إن كانت غير مفروض لها كانت المتعة واجبة ولا تجب المتعة مختلف فيها : فبعض على الندب والاستحباب ومنهم أبو حنيفة . وبعض على الوجوب " سراحا جميلا " من غير ضرار ولا منع واجب .
" يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك التي ءاتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك التي هاجرون معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكن أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما " " أجورهن " مهورهن : لأن المهر أجر على البضع . وإيتاها : إما إعطاؤها عاجلا . وإما فرضها وتسميتها في العقد . فإن قلت : لم قال : " التي آتيت أجورهن " و " مما أفاء الله عليك " و " التي هاجرن معك " وما فائدة هذه التخصصات ؟ قلت : قد اختار الله لرسوله الأفضل الأولى واستحبه بالأطيب الأزكى كما اختصه بغيرها م الخصائص وآثره بما سواها من الأثر وذلك أن تسميه المهر في العقد أولى وأفضل من ترك التسمية وإن وقع العقد جائزا ؛ وله أن يماسها وعليه مهر المثل إن دخل بها والمتعة إن لم يدخل بها . وسق المهر إليها عاجلا أفضل من أن يسميه ويوجله وكان التعجيل ديدن السلف وسنتهم وما لا يعرف بينهم غيره . وكذلك الجارية إذا كانت سبية مالكها وخطبة سيفه ورمحه ومما غنمه الله من دار الحرب أحل وأطيب مما يشتري من شق الجلب . والسبي على ضربين : سبي خبيثة : فسبي الطيبة : ما سبي من أهل الحرب . وأما من كان له عهد فالمسبي منهم سبي خبيثة ويدل عليه قوله تعالى : " مما أفاء الله عليك " لأن فيء الله لا يطلق إلا على الطيب دون الخبيث كما أن رزق الله يجب إطلاقه على الحلال دون الحرام وكذلك اللاتي هاجرن مع رسول الله A من قرائبه غير المحارم أفضل من غير المهاجرات معه