وعن أم هانئ بنت أبي طالب : خطبني رسول الله A فاعتذرت إليه فعذرني ثم أنزل الله هذه الآية فلم أحل له ؛ لأني لم أهاجر معه كنت من الطلقاء . وأحللنا لك من وقع لها أن تهب لك نفسها ولا تطلب مهرا من النساء المؤمنات إن اتفق ذلك ولذلك نكرها . واختلف في اتفاق ذلك فعن ابن عباس ري الله عنهما : لم يكن عند رسول الله A أحد منهن بالهبة . وقيل : الموهوبات أربع : ميمونة بنت الحرث وزينب بنت خزيمة أم المساكين الأنصارية يوأم شريك بنت جابر وخولة بنت حكيم - Bهن . قرئ : " إ وهبت " على الشرط . وقرأ الحسن Bه : " أن " بالفتح على التعليل بتقدير حذف اللام . ويحوز أن يكون مصدرا محذوفا معه الزمان كقولك : اجلس ما دام زيد حالسا بمعنى دوامة الس ووقت هبتها نفسها . وقرأ ابن مسعود بغير أن . فإن قلت : ما معنى الشرط الثاني مع الأول ؟ قلت : هو تقييد له شرط في الإحلال هبتها نفسها وفي الهبة : إرادة استنكاح رسول الله A كأنه قال : أحللناها لك إن وهبت لك نفسها وأنت تريد أن تستنكحها ؛ لأن إرادته هي قبول الهبة وما به تتم . فإن قلت : لم عدل عن الخطاب إلى الغيبة في قوله تعالى : " نفسها للنبي إن أراد النبي " ثم رجع إلى الخطاب ؟ قلت : للإيذان بأنه مما خص به وأوثر ومجيئه على لفظ النبي للدلالة على أن الآختصاص تكرمه له لأجل النبوة وتكريره تفخيم له وتقرير لاستحقاقه الكرامة لنبوته واستنكاحها : طلب نكاحها والرغبة فيه وقد استشهد به أبو حنيفة على جواز عقد النكاح بلفظ الهبة ؛ لأن رسول الله A وأمته سواء في الأحكام إلا فيما خصه الدليل وقال الشافعي : لا يصح وقد خص رسول الله A بمعنى الهبة ولفظها جميعا ؛ لأن اللفظ تابع للمعنى والمدعي للإشتراك في اللفظ يحتاج إلى دليل . وقال أبو الحسن الكرخي : إن عقد النكاح بلفظ الإجازة عقد مؤقت وعقد النكاح مؤبد فهما متنافيان " خالصة " مصدر مؤكد كوعد الله وصبغة الله أي : خلص لك إحلال ما أحللنا لك خالصة بمعنى بمعنى خلوصا والفاعل والفاعلة في المصادر غير عزيزين كالخارج والقاعد والعافية والكاذبة . والدليل على أنها وردت في أثر الإحلالات الأربع مخصوصة برسول الله A على سبيل التوكيد لها قوله : " قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكن أيمانهم " بعد قوله : " من دون المؤمنين " وهي جملة اعتراضية وقوله : " لكيلا يكون عليك حرج " متصل بخالصة لك م دون المؤمنين ومعنى هذه الجملة الاعتراضيه أن الله قد علم ما يجب فرضه على المؤمنين في الزواج والإماء وعلى أي حد وصفه يجب أن يفرض عليهم ففرضه وعلم المصلحة في اختصاص رسول الله A بما اختصه به ففعل ؛ ومعنى : " لكيلا يكون عليك حرج " لئلا يكون عليك ضيق في دينك : حيث اختصصناك بالتنزيه واختيار ما هو أولى وأفضل وفي دنياك : حيث أحللنا لك أجناس المنكوحات وزودنا لك الواهبة نفسها . وقرئ : خالصة بالرفع أي : ذاك خلوص لك وخصوص من دون المؤمنين ومن جعل خالصة نعتا للمرأة فعلى مذهبه : هذه المرأة خالصة لك من دونهم " وكان الله غفورا " للواقع في الحرج إذا تاب " رحيما " بالتوسعة على عباده .
" ترجى من تشاء منهن وتؤى إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما ءاتيناهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما "