عمن شكى في موضع عمله والاقتصار في المسألة على من يظن به الفضل وفيه أن السؤال عن عدالة الشاهد ونحوه يكون ممن يجاوره وأن تعريض العدل للكشف عن حاله لا ينافي قبول شهادته في الحال وفيه خطاب الرجل الجليل بكنيته والاعتذار لمن سمع في حقه كلام يسوؤه وفيه الفرق بين الافتراء الذي يقصد به السب والافتراء الذي يقصد به دفع الضرر فيعزر قائل الأول دون الثاني ويحتمل أن يكون سعد لم يطلب حقه منهم أو عفا عنهم واكتفى بالدعاء على الذي كشف قناعه في الافتراء عليه دون غيره فإنه صار كالمنفرد بأذيته وقد جاء في الخبر من دعا على ظالمه فقد انتصر فلعله أراد الشفقة عليه بأن عجل له العقوبة في الدنيا فانتصر لنفسه وراعى حال من ظلمه لما كان فيه من وفور الديانة ويقال إنه إنما دعا عليه لكونه انتهك حرمة من صحب صاحب الشريعة وكأنه قد انتصر لصاحب الشريعة وفيه جواز الدعاء على الظالم المعين بما يستلزم النقص في دينه وليس هو من طلب وقوع المعصية ولكن من حيث أنه يؤدي إلى نكاية الظالم وعقوبته ومن هذا القبيل مشروعية طلب الشهادة وإن كانت تستلزم ظهور الكافر على المسلم ومن الأول قول موسى عليه السلام ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم الآية وفيه سلوك الورع في الدعاء واستدل به على أن الأوليين من الرباعية متساويتان في الطول وسيأتي البحث في ذلك في الباب الذي بعده .
723 - قوله عن محمود بن الربيع في رواية الحميدي عن سفيان حدثنا الزهري سمعت محمود بن الربيع ولابن أبي عمر عن سفيان بالإسناد عند الإسماعيلي سمعت عبادة بن الصامت ولمسلم من رواية صالح بن كيسان عن بن شهاب أن محمود بن الربيع أخبره أن عبادة بن الصامت أخبره وبهذا التصريح بالإخبار يندفع تعليل من أعله بالانقطاع لكون بعض الرواة أدخل بين محمود وعبادة رجلا وهي رواية ضعيفة عند الدارقطني قوله لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب زاد الحميدي عن سفيان فيها كذا في مسنده وهكذا رواه يعقوب بن سفيان عن الحميدي أخرجه البيهقي وكذا لابن أبي عمر عند الإسماعيلي ولقتيبة وعثمان بن أبي شيبة عند أبي نعيم في المستخرج وهذا يعين أن المراد القراءة في نفس الصلاة قال عياض قيل يحمل على نفى الذات وصفاتها لكن الذات غير منتفية فيخص بدليل خارج ونوزع في تسليم عدم نفى الذات على الإطلاق لأنه أن ادعى أن المراد بالصلاة معناها اللغوي فغير مسلم لأن ألفاظ الشارع محمولة على عرفه لأنه المحتاج إليه فيه لكونه بعث لبيان الشرعيات لا لبيان موضوعات اللغة وإذا كان المنفى الصلاة الشرعية استقام دعوى نفي الذات فعلى هذا لا يحتاج إلى إضمار الإجزاء ولا الكمال لأنه يؤدي إلى الإجمال كما نقل عن القاضي أبي بكر وغيره حتى مال إلى التوقف لأن نفي الكمال يشعر بحصول الإجزاء فلو قدر الإجزاء منتفيا لأجل العموم قدر ثابتا لأجل إشعار نفى الكمال بثبوته فيتناقض ولا سبيل إلى إضمار هما معا لأن الاضمار إنما احتيج إليه للضرورة وهي مندفعة بإضمار فرد فلا حاجة إلى أكثر منه ودعوى إضمار أحدهما ليست بأولى من الآخر قاله بن دقيق العيد وفي هذا الأخير نظر لأنا إن سلمنا تعذر الحمل على الحقيقة فالحمل على أقرب المجازين إلى الحقيقة أولى من الحمل على أبعدهما ونفى الإجزاء أقرب إلى نفى الحقيقة وهو السابق إلى الفهم ولأنه يستلزم نفى الكمال من غير عكس فيكون أولى ويؤيده رواية الإسماعيلي من طريق العباس بن الوليد النرسي أحد شيوخ البخاري عن سفيان بهذا الإسناد بلفظ لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وتابعه على ذلك زياد بن أيوب أحد الأثبات أخرجه الدارقطني وله شاهد من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بهذا اللفظ أخرجه بن خزيمة وبن حبان وغيرهما ولأحمد