يقسم والحكمة حيث قال لا يعدل فهذه الثلاثة تتعلق بالنفس والمال والدين فقابلها بمثلها فطول العمر يتعلق بالنفس وطول الفقر يتعلق بالمال والوقوع في الفتن يتعلق بالدين ولما كان في الثنتين الأوليين ما يمكن الاعتذار عنه دون الثالثة قابلهما بأمرين دنيويين والثالثة بأمر ديني وبيان ذلك أن قوله لا ينفر بالسرية يمكن أن يكون حقا لكن رأى المصلحة في إقامته ليرتب مصالح من يغزو ومن يقيم أو كان له عذر كما وقع له في القادسية وقوله لا يقسم بالسوية يمكن أن يكون حقا فإن للأمام تفضيل أهل الغناء في الحرب والقيام بالمصالح وقوله لا يعدل في القضية هو أشدها لأنه سلب عنه العدل مطلقا وذلك قدح في الدين ومن أعجب العجب أن سعدا مع كون هذا الرجل واجهه بهذا وأغضبه حتى دعا عليه في حال غضبه راعي العدل والإنصاف في الدعاء عليه إذ علقه بشرط أن يكون كاذبا وأن يكون الحامل له على ذلك الغرض الدنيوى قوله رياء وسمعة أي ليراه الناس ويسمعوه فيشهروا ذلك عنه فيكون له بذلك ذكر وسيأتي مزيد في ذلك في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى قوله وأطل فقره في رواية جرير وشدد فقره وفي رواية سيف وأكثر عياله قال الزين بن المنير في الدعوات الثلاث مناسبة للحال أما طول عمره فليراه من سمع بأمره فيعلم كرامة سعد وأما طول فقره فلنقيض مطلوبه لأن حاله يشعر بأنه طلب أمرا دنيويا وأما تعرضه للفتن فلكونه قام فيها ورضيها دون أهل بلده قوله فكان بعد أي أبو سعدة وقائل ذلك عبد الملك بن عمير بينه جرير في روايته قوله إذا سئل في رواية بن عيينة إذ قيل له كيف أنت قوله شيخ كبير مفتون قيل لم يذكر الدعوة الأخرى وهي الفقر لكن عموم قوله أصابتني دعوة سعد يدل عليه قلت قد وقع التصريح به في رواية الطبراني من طريق أسد بن موسى وفي رواية أبي يعلى عن إبراهيم بن الحجاج كلاهما عن أبي عوانة ولفظه قال عبد الملك فأنا رأيته يتعرض للإماء في السكك فإذا سألوه قال كبير فقير مفتون وفي رواية إسحاق عن جرير فافتقر وافتتن وفي رواية سيف فعمى واجتمع عنده عشر بنات وكان إذا سمع بحس المرأة تشبث بها فإذا أنكر عليه قال دعوة المبارك سعد وفي رواية بن عيينة ولا تكون فتنة إلا وهو فيها وفي رواية محمد بن جحادة عن مصعب بن سعد نحو هذه القصة قال وأدرك فتنة المختار فقتل فيها رواه المخلص في فوائده ومن طريقه بن عساكر وفي رواية سيف أنه عاش إلى فتنة الجماجم وكانت سنة ثلاث وثمانين وكانت فتنة المختار حين غلب على الكوفة من سنة خمس وستين إلى أن قتل سنة سبع وستين قوله دعوة سعد أفردها لارداة الجنس وإن كانت ثلاث دعوات وكان سعد معروفا بإجابة الدعوة روى الطبراني من طريق الشعبي قال قيل لسعد متى أصبت الدعوة قال يوم بدر قال النبي صلى الله عليه وسلّم اللهم استجب لسعد وروى الترمذي وبن حبان والحاكم من طريق قيس بن أبي حازم عن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال اللهم استجب لسعد إذا دعاك وفي هذا الحديث من الفوائد سوى ما تقدم جواز عزل الإمام بعض عماله إذا شكى إليه وإن لم يثبت عليه شيء إذا اقتضت ذلك المصلحة قال مالك قد عزل عمر سعدا وهو أعدل من يأتي بعده إلى يوم القيامة والذي يظهر أن عمر عزله حسما لمادة الفتنة ففي رواية سيف قال عمر لولا الاحتياط وأن لا يتقي من أمير مثل سعد لما عزلته وقيل عزله ايثارا لقربه منه لكونه من أهل الشورى وقيل لأن مذهب عمر أنه لا يستمر بالعامل أكثر من أربع سنين وقال المازري اختلفوا هل يعزل القاضي بشكوى الواحد أو الإثنين أو لا يعزل حتى يجتمع الأكثر على الشكوى منه وفيه استفسار العامل عما قيل فيه والسؤال