الأخذ بحديث من أثبت الجهر وسيأتي الكلام على ذلك في باب جهر المأموم بالتأمين إن شاء الله قريبا وترجم له بن خزيمة وغيره إباحة الإسرار بالبسملة في الجهرية وفيه نظر لأنه لم يختلف في إباحته بل في استحبابه واستدل به المالكية على ترك دعاء الافتتاح وحديث أبي هريرة الذي بعده يرد عليه وكأن هذا هو السر في إيراده وقد تحرر أن المراد بحديث أنس بيان ما يفتتح به القراءة فليس فيه تعرض لنفى دعاء الافتتاح تنبيه وقع ذكر عثمان في حديث أنس في رواية عمرو بن مرزوق عن شعبة عند البخاري في جزء القراءة وكذا في رواية حجاج بن محمد عن شعبة عند أبي عوانة وهو في رواية شيبان وهشام والأوزاعي وقد أشرنا إلى روايتهم فيما تقدم .
711 - قوله حدثنا أبو زرعة هو بن عمرو بن جرير البجلي قوله كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يسكت ضبطناه بفتح أوله من السكوت وحكى الكرماني عن بعض الروايات بضم أوله من الإسكات قال الجوهري يقال تكلم الرجل ثم سكت بغير ألف فإذا انقطع كلامه فلم يتكلم قلت أسكت قوله إسكاته بكسر أوله بوزن إفعالة من السكوت وهو من المصادر الشاذة نحو أثبته إثباته قال الخطابي معناه سكوت يقتضى بعده كلاما مع قصر المدة فيه وسياق الحديث يدل على أنه أراد السكوت عن الجهر لا عن مطلق القول أو السكوت عن القراءة لا عن الذكر قوله قال أحسبه قال هنية هذه رواية عبد الواحد بن زياد بالظن ورواه جرير عند مسلم وغيره وبن فضيل عند بن ماجة وغيره بلفظ سكت هنية بغير تردد وإنما أختار البخاري رواية عبد الواحد لوقوع التصريح بالتحديث فيها في جميع الإسناد وقال الكرماني المراد أنه قال بدل اسكاتة هنية قلت وليس بواضح بل الظاهر أنه شك هل وصف الإسكاتة بكونها هنية أم لا وهنية بالنون بلفظ التصغير وهو عند الأكثر بتشديد الياء وذكر عياض والقرطبى أن أكثر رواة مسلم قالوه بالهمزة وأما النووي فقال الهمز خطأ قال وأصله هنوة فلما صغر صار هنيوة فأجتمعت واو وياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ثم أدغمت قال غيره لا يمنع ذلك إجازة الهمز فقد تقلب الياء همزة وقد وقع في رواية الكشميهني هنيهة بقلبها هاء وهي رواية إسحاق والحميدي في مسنديهما عن جرير قوله بأبي وأمي الباء متعلقة بمحذوف اسم أو فعل والتقدير أنت مفدى أو أفديك واستدل به على جواز قول ذلك وزعم بعضهم أنه من خصائصه صلى الله عليه وسلّم قوله إسكاتك بكسر أوله وهو بالرفع على الابتداء وقال المظهري شارح المصابيح هو بالنصب على أنه مفعول بفعل مقدر أي أسألك إسكاتك أو على نزع الخافض انتهى والذي في روايتنا بالرفع للأكثر ووقع في رواية المستملى والسرخسي بفتح الهمزة وضم السين على الاستفهام وفي رواية الحميدي ما تقول في سكتتك بين التكبير والقراءة ولمسلم أرأيت سكوتك وكله مشعر بأن هناك قولا لكونه قال ما تقول ولم يقل هل تقول نبه عليه بن دقيق العيد قال ولعله استدل على أصل القول بحركة الفم كما استدل غيره على القراءة باضطراب اللحية قلت وسيأتي من حديث خباب بعد باب ونقل بن بطال عن الشافعي أن سبب هذه السكتة للإمام أن يقرأ