المأموم فيها الفاتحة ثم اعترضه بأنه لو كان كذلك لقال في الجواب أسكت لكي يقرأ من خلفي ورده بن المنير بأنه لا يلزم من كونه أخبره بصفة ما يقول أن لا يكون سبب السكوت ما ذكر انتهى وهذا النقل من أصله غير معروف عن الشافعي ولا عن أصحابه إلا أن الغزالي قال في الإحياء إن المأموم يقرأ الفاتحة إذا اشتغل الإمام بدعاء الافتتاح وخولف في ذلك بل أطلق المتولى وغيره كراهة تقديم المأموم قراءة الفاتحة على الإمام وفي وجه إن فرغها قبله بطلت صلاته والمعروف أن المأموم يقرؤها إذا سكت الإمام بين الفاتحة والسورة وهو الذي حكاه عياض وغيره عن الشافعي وقد نص الشافعي على أن المأموم يقول دعاء الافتتاح كما يقوله الإمام والسكتة التي بين الفاتحة والسورة ثبت فيها حديث سمرة عند أبي داود وغيره قوله باعد المراد بالمباعدة محو ما حصل منها والعصمة عما سيأتي منها وهو مجاز لأن حقيقة المباعدة إنما هي في الزمان والمكان وموقع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مستحيل فكأنه أراد أن لا يبقى لها منه اقتراب بالكلية وقال الكرماني كرر لفظ بين لأن العطف على الضمير المجرور يعاد فيه الخافض قوله نقنى مجاز عن زوال الذنوب ومحو أثرها ولما كان الدنس في الثوب الأبيض أظهر من غيره من الألوان وقع التشبيه به قاله بن دقيق العيد قوله بالماء والثلج والبرد قال الخطابي ذكر الثلج والبرد تأكيد أو لأنهما ما آن لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال وقال بن دقيق العيد عبر بذلك عن غاية المحو فإن الثوب الذي يتكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء قال ويحتمل أن يكون المراد أن كل واحد من هذه الأشياء مجاز عن صفة يقع بها المحو وكأنه كقوله تعالى واعف عنا واغفر لنا وارحمنا وأشار الطيبي إلى هذا بحثا فقال يمكن أن يكون المطلوب من ذكر الثلج والبرد بعد الماء شمول أنواع الرحمة والمغفرة بعد العفو لإطفاء حرارة عذاب النار التي هي في غاية الحرارة ومنه قولهم برد الله مضجعه أي رحمه ووقاه عذاب النار انتهى ويؤيده ورود وصف الماء بالبرودة في حديث عبد الله بن أبي أوفى عند مسلم وكأنه جعل الخطايا بمنزلة جهنم لكونها مسببة عنها فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيا عن الماء إلى أبرد منه وقال التوربشتى خص هذه الثلاثة بالذكر لأنها منزلة من السماء وقال الكرماني يحتمل أن يكون في الدعوات الثلاث إشارة إلى الإزمنة الثلاثة فالمباعدة للمستقبل والتنقية للحال والغسل للماضى انتهى وكأن تقديم المستقبل للاهتمام بدفع ما سيأتي قبل رفع ما حصل واستدل بالحديث على مشروعية الدعاء بين التكبير والقراءة خلافا للمشهور عن مالك وورد فيه أيضا حديث وجهت وجهي الخ وهو عند مسلم من حديث على لكن قيده بصلاة الليل وأخرجه الشافعي وبن خزيمة وغيرهما بلفظ إذا صلى المكتوبة واعتمده الشافعي في الأم وفي الترمذي وصحيح بن حبان من حديث أبي سعيد الافتتاح بسبحانك اللهم ونقل الساجي عن الشافعي استحباب الجمع بين التوجيه والتسبيح وهو اختيار بن خزيمة وجماعة من الشافعية وحديث أبي هريرة أصح ما ورد في ذلك واستدل به على جواز الدعاء في الصلاة بما ليس في القرآن خلافا للحنفية ثم هذا الدعاء صدر منه صلى الله عليه وسلّم على سبيل المبالغة في إظهار العبودية وقيل قاله على سبيل التعليم لأمته واعترض بكونه لو أراد ذلك لجهر به وأجيب بورود الأمر بذلك في حديث سمرة عند البزار وفيه ما كان الصحابة عليه من المحافظة على تتبع أحوال النبي صلى الله عليه وسلّم في حركاته وسكناته وإسراره وإعلانه حتى حفظ الله بهم الدين واستدل