حتى لقد ورد أن المسلمين في غزوة بدر أسروا ستين مشركا فكان مما يقبل الرسول في فداء الواحد منهم أن يعلم عشرة من أصحابه الكتابة والخط .
وهكذا أعلن الرسول بعمله هذا أن القراءة والكتابة عديلان للحرية وهذا منتهى ما تصل إليه الهمم في تحرير شعب أمي من رق الأمية .
وبمثل هذه الطريقة أخذت ظلمات الأمية تتبدد بأنوار الإسلام شيئا فشيئا وحل محلها العلم والكتابة والقراءة .
وهذا من أدل الأدلة على أن الإسلام دين العلم والحضارة والمدنية النبي يقرأ ويكتب .
حتى لقد قيل إن النبي عرف القراءة والكتابة في آخر أمره بعد أن قامت حجته .
وعلت كلمته وعجز العرب في مقام التحدي عن أن يأتوا بسورة من مثل القرآن الذي جاء به وكأن الحكمة في ذلك هي الإشارة إلى شرف الخط والكتابة .
وأن أمية الرسول في أول أمره إنما كانت حالا وقتية اقتضاها إقامة الدليل والإعجاز واضحا على صدق محمد في نبوته ورسالته وأنه مبعوث الحق إلى خليقته ولو كان وقتئذ كاتبا قارئا وهم أميون لراجت شبهتهم في أن ما جاء به نتيجة اطلاع ودرس وأثر نظر في الكتب وبحث .
وفي هذا المعنى يقول سبحانه .
وما كنت تتلوا من قبله من كتب ولا تخطه بيمينك إذا لأرتاب المبطلون بل هو أيت بينت في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بأيتنا إلا الظلمون 29 العنكبوت 48 - 49 .
قال العلامة الألوسي بعد تفسيره لهذه الآية ما نصه واختلف في أنه أكان بعد النبوة يقرأ ويكتب أم لا فقيل إنه E لم يكن يحسن الكتابة واختاره البغوي في التهذيب وقال إنه الأصح .
وادعى بعضهم أنه صار يعلم الكتابة بعد أن كان لا يعلمها وعدم معرفتها بسبب المعجزة لهذه الآية فلما نزل القرآن واشتهر الإسلام وظهر أمر الارتياب تعرف الكتابة حينئذ .
وروى ابن أبي شيبة وغيره ما مات حتى كتب وقرأ ونقل هذا للشعبي فصدقه وقال سمعت أقواما يقولونه وليس في الآية ما ينافيه .
وروى ابن ماجه عن أنس قال قال رأيت ليلة أسري بي مكتوبا على باب الجنة الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر .
ثم قال ويشهد للكتابة أحاديث في صحيح البخاري وغيره كما ورد في صلح