وبويع عبد الله بن الزبير بالخلافة بعد موت يزيد وأطاعه أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان وجدد عمارة الكعبة وأدخل فيها الحجر فلما قتل ابن الزبير أمر عبد الملك بن مروان أن تعاد عمارة الكعبة إلى ما كانت أولا ويخرج الحجر منها . ففعل ذلك فهي هذه العمارة الباقية .
وبقي ابن الزبير خليفة إلى أن ولي عبد الملك بن مروان بعد أبيه فلما استقام له الشام ومصر جهز العساكر فسار إلى العراق فقتل مصعب بن الزبير وسير الحجاج بن يوسف إلى الحجاز فحصر عبد الله بن الزبير بمكة أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وحج بالناس الحجاج ولم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ونصب منجنيقا على حبل أبي قبيس فكان يرمي الحجارة إلى المسجد ولم يزل يحاصره إلى أن قتل في النصف من جمادى الآخرة من سنة ثلاث وسبعين .
قال عروة بن الزبير : لما اشتد الحصر على عبد الله قبل قتله بعشرة أيام دخل على أمه أسماء وهي شاكية فقالت له : لعلك تمنيته لي ما أحب ان أموت حتى يأتي على أحد طرفيك إما قتلت فأحتسبك وإما ظفرت بعدوك فتقر عيني . فضحك .
فلما كان اليوم الذي قتل فيه دخل عليها فقالت له : يا بني لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها على نفسك الذل مخافة القتل فوالله لضربة بسيف في عز خير من ضربة بسوط في ذل . وخرج على الناس وقاتلهم في المسجد فكان لا يحمل على ناحية إلا هزم من فيها من جند الشام فأتاه حجر من ناحية الصفا فوقع بين عينيه فنكس رأسه وهو يقول : " الطويل " .
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على اقدامنا يقطر الدما .
ثم اجتمعوا عليه فقتلوه . فلما قتلوه كبر أهل الشام فقال عبد الله بن عمر المكبرون عليه يوم ولد خير من المكبرين عليه يوم قتل .
وقال يعلى بن حرملة : دخلت مكة بعد ما قتل ابن الزبير فجاءت أمه امرأة طويلة عجوزا مكفوفة البصر تقاد فقالت للحجاج : أما آن لهذا الراكب أن ينزل فقال لها الحجاج : المنافق قالت : والله ما كان منافقا ولكنه كان صواما قواما وصولا . قال : انصرفي فإنك عجوز قد خرفت . فقالت : لا والله ما خرفت ولقد سمعت رسول الله A يقول : " يخرج من ثقيف كذاب ومبير " أما الكذاب فقد رأيناه وأما المبير فأنت المبير . تعني بالكذاب المختار بن أبي عبيد .
وكان ابن الزبير كوسجا واجتاز به ابن عمر وهو مصلوب فوقف وقال : السلام عليك أبخ خبيب . ودعا له ثم قال : أما والله إن أمة أنت شرها لنعم الأمة . يعني أن أهل الشام كانوا يسمونه ملحدا ومنافقا إلى غير ذلك .
عبد الله بن زغب .
" ب د ع " عبد الله بن زغب الإيادي قال أبو زرعة الدمشقي : له صحبة وقد خالفه غيره فقال : لا صحبة له .
روى عنه عبد الرحمن بن عايذ أنه سمع النبي A يقول : " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " .
وروى عنه ضمرة بن حبيب أيضا وهو الذي يروي عن النبي A حديث قس بن ساعدة .
أخرجه الثلاثة .
زغب : بضم الزاي وسكون الغين المعجمة وعايذ : بالياء تحتها نقطتان وبالذال المعجمة .
عبد الله بن زمعة .
" ب د ع " عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي . أمه قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة أخت أم سلمة أم المؤمنين .
كان من أشراف قريش وكان يأذن على النبي A . روى عنه أبو بكر بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير .
أخبرنا إبراهيم بن محمد الفقيه وإسماعيل بن علي وغيرهما قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى محمد ب عيسى حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن زمعة قال : سمعت النبي A يوما يذكر الناقة والذي عقرها فقال : " انبعث لها رجل عارم عزيز مثل زمعة ثم ذكر النساء فقال : يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ولعله يضاجعها من آخر يومه . ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة فقال : يضحك أحدكم مما يفعل " ! .
وأبو زمعة هو الأسود بن المطلب وقتل زمعة يوم بدر كافرا وكان الأسود من المستهزئين الذين قال الله تعالى فيهم : " إنا كفيناك المستهزئين " " الحجر 95 " .
وقتل عبد الله مع عثمان يوم الدار قاله أبو أحمد العسكري عن أبي حسان الزيادي