وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين فحنكه رسول الله A بتمرة لاكها في فيه ثم حنكه بها فكان ريق رسول الله A أول شيء دخل جوفه وسماه عبد الله وكناه أبا بكر بجده أبي بكر الصديق " وسماه باسمه " قاله أبو عمر .
وهاجرت أمه إلى المدينة وهي حامل به وقيل : حملت به بعد ذلك وولدته بالمدينة على رأس عشرين شهرا من الهجرة . وقيل ولد في السنة الأولى . ولما ولد كبر المسلمون وفرحوا به كثيرا لأن اليهود كانوا يقولون : قد سحرناهم فلا يولد لهم ولد . فكذبهم الله سبحانه وتعالى .
وكان صواما قواما طويل الصلاة عظيم الشجاعة . وأحضره أبو الزبير عند رسول الله A ليبايعه وعمره سبع سنين أو ثماني سنين فلما رآه النبي A مقبلا تبسم ثم بايعه .
وروى عن النبي A أحاديث وعن أبيه وعن عمر وعثمان وغيرهما . روى عنه أخوه عروة وابناه : عامر وعباد وعبيدة السلماني وعطاء بن أبي رباح والشعبي وغيرهم .
أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن الدمشقي كتابة أخبرنا والدي أخبرنا أبو الحسين بن أبي يعلى وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البناء أخبرنا أبو جعفر أخبرنا أبو طاهر المخلص أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا الزبير بن أبي بكر قال : حدثني عبد الملك بن عبد العزيز عن خاله يوسف بن الماجشون عن الثقة بسنده قال : قسم عبد الله بن الزبير الدهر على ثلاث ليال : فليلة هو قائم حتى الصباح وليلة هو راكع حتى الصباح وليلة هو ساجد حتى الصباح .
قال : وحدثنا الزبير قال : وحدثني سليمان بن حرب عن يزيد بن إبراهيم التستري عن عبد الله بن سعيد عن مسلم بن يناق المكي قال : ركع ابن الزبير يوما ركعة فقرأت البقرة وآل عمران والنساء والمائدة وما رفع رأسه .
وروى هشيم عن مغيرة عن قطن بن عبد الله قال : رأيت ابن الزبير يواصل من الجمعة إلى الجمعة فإذا كان عند إفطاره من الليلة المقبلة يدعو بقدح ثم يدعو بقعب من سمن ثم يأمر فيحلب عليه ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه ثم يشربه : فأما اللبن فيعصمه وأما السمن فيقطع عنه العطش وأما الصبر فيفتح أمعاءه .
أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن الطبري بإسناده إلى أبي يعلى الموصلي قال : حدثنا أبو خيثمة حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عجلان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : كان رسول الله A إذا قعد في التشهد قال هكذا - وضع يحيى يده اليمنى على فخذه اليمنى واليسرى على فخذه اليسرى - وأشار بالسبابة معا ولم يجاوز بصره إشارته .
وغزا عبد الله بن الزبير إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح فأتاهم جرجير ملك إفريقية في مائة ألف وعشرين ألفا وكان المسلمون في عشرين ألفا فسقط في أيديه فنظر عبد الله فرأى جرجير وقد خرج من عسكره فأخذ معه جماعة من المسلمين وقصده فقتله ثم كان الفتح على يده .
وشهد الجمل مع أبيه الزبير مقاتلا لعلي فكان علي يقول : ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ له عبد الله .
وامتنع عن بيعة يزيد بن معاوية بعد موت أبيه معاوية فأرسل إليه يزيد مسلم بن عقبة المري فحصر المدينة وأوقع بأهلها وقعة الحرة المشهورة . ثم سار إلى مكة ليقاتل ابن الزبير فمات في الطريق فاستخلف الحصين بن نمير السكوني على الجيش فصار الحصين وحصر ابن الزبير بمكة لأربع بقين من المحرم من سنة أربع وستين فأقام عليه محاصرا وفي هذا الحصر احترقت الكعبة واحترق فيها قرنا الكبش الذي فدي به إسماعيل بن إبراهيم الخليل صلى الله عليهما وسلم ودام الحصر إلى أن مات يزيد منتصف ربيع الأول من السنة فدعان الحصين ليبايعه ويخرج معه إلى الشام ويهدر الدماء التي بينهما ممن قتل بمكة والمدينة في وقعة الحرة فلم يجبه ابن الزبير وقال : لا أهدر الدماء . فقال الحصين : قبح الله من يعدك داهيا أو أريبا أدعوك إلى الخلافة وتدعنني إلى القتل ! .
!