روى سفيان بن عيينة عن الوليد بن كثير عن ابن عبدوس عن أسماء بنت أبي بكر أنهم قالوا لها : ما أشد ما رأيت المشركين بلغوا من رسول الله A فقالت : كان المشركون قعودا في المسجد الحرام فتذاكروا رسول الله A وما يقول في آلهتهم فبينما هم كذلك إذ دخل رسول الله A المسجد فقاموا إليه وكانوا إذا سألوه عن شيء صدقهم فقالوا : ألست تقول في آلهتنا كذا وكذا قال : " بلى " قال فتشبثوا به بأجمعهم فأتى الصريخ إلى أبي بكر فقيل له : أدرك صاحبك . فخرج أبو بكر حتى دخل المسجد فوجد رسول الله A والناس مجتمعون عليه فقال : ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم قال : فلهوا عن رسول الله A واقبلوا على أبي بكر يضربونه . قالت : فرجع إلينا فجعل لا يمس شيئا من غدائره إلا جاء معه وهو يقول : تباركت يا ذا الجلال والإكرام .
وروينا من وجوه عن أبي أمامة الباهلي قال : حدثني عمرو بن عبسة قال : أتيت رسول الله A وهو نازل بعكاظ فقلت : يا رسول الله من اتبعك على هذا الأمر قال : " حر وعبد : أبو بكر وبلال " . قال : فأسلمت عند ذلك . فذكر الحديث .
أخبرني أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتي البزار قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثني الحارث بن أبي أسامة ومحمد بن إسماعيل الترمذي حدثنا زياد بن أيوب البغدادي أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا همام قال : حدثنا ثابت عن أنس أن أبا بكر الصديق حدثه قال : قلت للنبي A ونحن في الغار : لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه . فقال : " يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما " .
وروينا أن رجلا من أبناء أصحاب رسول الله A قال في مجلس فيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق : والله ما كان لرسول الله A من موطن إلا وعلي معه فيه . فقال القاسم : يا أخي لا تحلف . قال : هلم . قال : بلى ما ترده . قال الله تعالى : " ثاني اثنين إذ هما في الغار " . التوبة 41 .
واستخلفه رسول الله A على امته من بعده بما أظهر من الدلائل البينة على محبته في ذلك وبالتعريض الذي يقوم مقام التصريح ولم يصرح بذلك لأنه لم يؤمر فيه بشيء وكان لا يصنع شيئا في دين الله إلا بوحي والخلافة ركن من أركان الدين . ومن الدلائل الواضحة على ما قلنا ما حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا منصور بن سلمة الخزاعي وأخبرنا أحمد ابن عبد الله حدثنا الميمون بن حمزة الحسيني بمصر . وحدثنا الطحاوي حدثنا المزني حدثنا الشافعي قال : أنبأنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : أتت امرأة إلى رسول الله A فسألته عن شيء فأمرها أن ترجع إليه فقالت : يا رسول الله أرأيت إن جئت فلم أجدك تعني الموت . فقال لها رسول الله A : " إن لم تجديني فأتي أبا بكر " . قال الشافعي : في هذا الحديث دليل على أن الخليفة بعد رسول الله A أبو بكر .
وروى الزهري عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن زمعة بن الأسود قال : كنت عند رسول الله A وهو عليل فدعاه بلال إلى الصلاة فقال لنا : " مروا من يصلي بالناس " . قال : فخرجت فإذا عمر في الناس وكان أبو بكر غائبا فقلت : قم يا عمر فصل بالناس فقام عمر فلما كبر سمع رسول الله A صوته وكان مجهرا فقال رسول الله A : " فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون " . فبعث إلى أبي بكر فجاءه بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس طول علته حتى قبض رسول الله A . وهذا أيضا واضح في ذلك .
حدثنا سعيد بن نصر حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا إسماعيل ابن إسحاق القاضي حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان بن سعيد عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعى بن حراش عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال : قال رسول الله A : " اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد "