( تابع ... 4 ) : - والمذاهب في كونها من القرآن ثلاثة : طرفان . ووسط فالطرف الأول قول ... .
( 53 ) عن زائدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت في هذه الآية : { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } نزلت في الدعاء انتهى . وله طريق رابع عند البزار في " مسنده " عن المعتمر بن سليمان ثنا إسماعيل عن أبي خالد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يجهر " ببسم الله الرحمن الرحيم " في الصلاة انتهى . قال البزار : وإسماعيل لم يكن بالقوي في الحديث وأبو خالد أحسبه الوالبي انتهى . وهذا الحديث رواه أبو داود في " سننه " . والترمذي في " جامعه .
( 54 ) " بهذا السند والدارقطني في " سننه " وكلهم قالوا فيه : كان يفتتح صلاته " ببسم الله الرحمن الرحيم " قال الترمذي : ليس إسناده بذاك وقال أبو داود : حديث ضعيف ورواه العقيلي في " كتابه " وأعله بإسماعيل هذا وقال : حديثه غير محفوظ ويرويه عن مجهول ولا يصح في الجهر بالبسملة حديث مسند انتهى . ورواه ابن عدي وقال : حديث غير محفوظ وأبو خالد مجهول انتهى . وأبو خالد هذا سئل عنه أبو زرعة فقال : لا أعرفه ولا أدري من هو وقيل : هو الوالبي واسمه " هرمز " ذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " وقال أبو حاتم : صالح الحديث وقد روى هذا الحديث البيهقي في " سننه .
( 55 ) " من طريق إسحاق بن راهويه عن معتمر بن سليمان قال : سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان يحدث عن أبي خالد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يقرأ : " بسم الله الرحمن الرحيم " في الصلاة " يعني يجهر بها انتهى . هكذا رواه بهذا اللفظ وهذا التفسير ليس من قول ابن عباس : إنما هو قول غيره من الرواة وكل من روى هذا الحديث بلفظ الجهر فإنما رواه بالمعنى مع أنه حديث لا يحتج به على كل حال وله طريق خامس : عند الدارقطني عن عمرو بن حفص المكي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يزل يجهر في السورتين " ببسم الله الرحمن الرحيم " حتى قبض انتهى . وهذا لا يجوز الاحتجاج به فإن عمر بن حفص ضعيف قال ابن الجوزي في " التحقيق " : أجمعوا على ترك حديثه وروى البيهقي له حديثا .
( 56 ) عنه عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض " ثم قال البيهقي : تفرد به عمر بن حفص المكي وهو ضعيف لا يحتج به والحمل فيه عليه انتهى . ثم ذكر الخطيب لحديث ابن عباس طرقا أخرى ليست صحيحة . ولا صريحة وقال ابن عبد الهادي : الجواب عن حديث ابن عباس يتوجه من وجوه : أحدها : الطعن في صحته فإن مثل هذه الأسانيد لا يقوم بها حجة لو سلمت من المعارض فكيف وقد عارضها الأحاديث الصحيحة ؟ . وصحة الإسناد يتوقف على ثقة الرجال ولو فرض ثقة الرجال لم يلزم منه صحة الحديث حتى ينتفي منه الشذوذ والعلة . الثاني : أن المشهور في متنه لفظ الاستفتاح لا لفظ الجهر الثالث : أن قوله : جهر إنما يدل على وقوعه مرة لأن كان يدل على وقوع الفعل وأما استمراره فيفتقر إلى دليل من خارج وما روي من أنه لم يزل يجهر بها فباطل كما سيأتي إن شاء الله تعالى . الرابع : أنه روي عن ابن عباس ما يعارض ذلك قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن ابن عباس قال : الجهر " ببسم الله الرحمن الرحيم " قراءة الأعراب وكذلك رواه الطحاوي .
( 57 ) ويقوي هذه الرواية عن ابن عباس ما رواه الأثرم بإسناد ثابت عن عكرمة تلميذ ابن عباس أنه قال : أنا أعرابي إن جهرت " ببسم الله الرحمن الرحيم " وكأنه أخذه عن شيخه ابن عباس والله أعلم .
طريق سادس : لحديث ابن عباس قال الدارقطني : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا أحمد بن رشد بن خيثم عن سعيد بن خيثم ثنا سفيان الثوري عن عاصم عن سعيد بن جبير أنه كان يجهر في السورتين " ببسم الله الرحمن الرحيم " وقال : حدثنا ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يجهر بها فيهما انتهى . وهذا أيضا لا يصح وسعيد بن خيثم تكلم فيه ابن عدي . وغيره والحمل فيه على ابن أخيه أحمد بن رشد بن خيثم فإنه متهم وله أحاديث أباطيل ذكرها الطبراني . وغيره وروى له الخطيب في " أول تاريخه " حديثا موضوعا هو الذي صنعه بسنده إلى العباس أنه عليه السلام قال له : " أنت عمي وصنو أبي وابنك هذا أبو الخلفاء من بعدي : منهم السفاح . ومنهم المنصور . ومنهم المهدي " مختصر والراوي عنه هو ابن عقدة الحافظ وهو كثير الغرائب والمناكير روى في الجهر أحاديث كثيرة عن ضعفاء . وكذابين . ومجاهيل والحمل فيهما عليهم لا عليه .
- حديث آخر عن ابن عمر قال الدارقطني : حدثنا عمر بن الحسن بن علي الشيباني ثنا جعفر بن محمد بن مروان ثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى ثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلّم . وأبي بكر . وعمر فكانوا يجرون " ببسم الله الرحمن الرحيم " انتهى . وهذا باطل من هذا الوجه لم يحدث به ابن أبي فديك قط والمتهم به أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد أبو طاهر الهاشمي وقد كذبه الدارقطني وهو كما قال فإن من روى مثل هذا الحديث عن مثل محمد بن إسماعيل بن أبي فديك الثقة المشهور المخرج له في " الصحيحين " عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب الإمام المشهور عن نافع عن ابن عمر فإنه يكون كاذبا في روايته وعمر بن الحسن الشيباني شيخ الدارقطني تكلم فيه الدارقطني أيضا وقال : هو ضعيف وقال الخطيب : سألت الحسن بن محمد الخلال عنه فقال : ضعيف وأما جعفر بن محمد بن مروان من أهل الكوفة فليس مشهورا بالعدالة وقد تكلم فيه الدارقطني أيضا وقال : لا يحتج به وقد روى الحافظ أبو محمد الرامهرمزي في أول " كتاب المحدث الفاصل " حديثا موضوعا لأحمد بن عيسى هو المتهم به فقال : حدثنا أبو حصين الوادعي ثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى العلوي ثنا ابن أبي فديك ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء عن ابن عباس عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " اللهم ارحم خلفائي قلنا : من خلفاؤك ؟ قال : الذين يروون أحاديثي ويعلمونها الناس " انتهى . وأبو عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وضاع أيضا وقد تقدم ذكره في حديث علي بن أبي طالب . وله طريق آخر عند الخطيب عن عبادة بن زياد الأسدي عن أبي يونس بن أبي يعفور العبدي عن المعتمر بن سليمان عن أبي عبيدة عن مسلم بن حبان قال : صليت خلف ابن عمر فجهر " ببسم الله الرحمن الرحيم " في السورتين فقيل له فقال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى قبض . وخلف أبي بكر حتى قبض . وخلف عمر حتى قبض فكانوا يجهرون بها في السورتين فلا أدع الجهر حتى أموت انتهى . وهذا أيضا باطل وعبادة بن زياد الأسدي " بفتح العين " . قال أبو حاتم : كان من رؤساء الشيعة وقال الحافظ محمد النيسابوري : هو مجمع على كذبه وشيخه يونس بن أبي يعفور العبدي فيه مقال فوثقه بعضهم وروى له مسلم في " صحيحه " وضعفه النسائي . وابن معين وقال ابن حبان : يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات لا يجوز الاحتجاج عندي بما انفرد به ومسلم ابن حبان فغير معروف والصواب في حديث ابن عمر الوقف عليه كما ذكره البيهقي . وغيره أنه كان يقرأ البسملة للفاتحة وللسورة وقد يجهر بها أحيانا أو لتعليم المأمومين أو لغير ذلك من الأسباب والله أعلم .
- حديث آخر عن النعمان بن بشير أخرجه الدارقطني في " سننه " عن يعقوب بن يوسف بن زياد الضبي ثنا أحمد بن حماد الهمداني عن فطر بن خليفة عن أبي الضحى عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " أمني جبرئيل عند الكعبة فجهر " ببسم الله الرحمن الرحيم " انتهى . وهذا حديث منكر بل موضوع ويعقوب بن يوسف الضبي ليس بمشهور وقد فتشت عليه في عدة كتب من الجرح والتعديل فلم أر له ذكرا أصلا ويحتمل أن يكون هذا الحديث مما عملته يداه وأحمد بن حماد ضعفه الدارقطني وسكوت الدارقطني . والخطيب . وغيرهما من الحفاظ عن مثل هذا الحديث بعد روايتهم له قبيح جدا ولم يعلق ابن الجوزي في هذا الحديث إلا على فطر بن خليفة وهو تقصير منه وإذ لو نسب إليه لكان حديثا حسنا وكأنه اعتمد على قول السعدي فيه : هو زائغ غير ثقة ليس هذا بطائل فإن فطر بن خليفة روى له البخاري في " صحيحه " ووثقه أحمد بن حنبل . ويحيى بن القطان . وابن معين .
- حديث آخر عن االحكم بن عمير قال الدارقطني : حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن بشر الكوفي ثنا أحمد بن موسى بن إسحاق الحمار ثنا إبراهيم بن حبيب ثنا موسى بن أبي حبيب الطائفي عن الحكم بن عمير - وكان بدريا - قال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلّم فجهر " ببسم الله الرحمن الرحيم " في صلاة الليل . وصلاة الغداة . وصلاة الجمعة انتهى . وهذا من الأحاديث الغريبة المنكرة بل هو حديث باطل لوجوه : أحدهما : أن الحكم بن عمير ليس بدريا ولا في البدريين أحد اسمه الحكم بن عمير بل لا يعرف له صحبة فإن موسى بن حبيب الراوي عنه لم يلق صحابيا بل هو مجهول لا يحتج بحديثه قال ابن أبي حاتم في " كتاب الجرح والتعديل " : الحكم بن عمير روى عن النبي صلى الله عليه وسلّم أحاديث منكرة لا تذكر سماعا ولا لقاءا روى ابن أخيه موسى بن أبي حبيب وهو ضعيف الحديث سمعت أبي يذكر ذلك وقال الدارقطني : موسى بن أبي حبيب شيخ ضعيف الحديث وقد ذكر الطبراني في " معجمه الكبير " الحكم بن عمير وقال في نسبته : الثمالي ثم روى له بضعة عشر حديثا منكرا وكلها من رواية موسى بن أبي حبيب عنه وروى له ابن عدي في " الكامل " قريبا من عشرين حديثا ولم يذكر فيها هذا الحديث والراوي عن موسى هو إبراهيم بن إسحاق الصيني الكوفي قال الدارقطني : متروك الحديث وقال الأزدي : يتكلمون فيه ويحتمل أن يكون هذا الحديث صنعه فإن الذين رووا نسخة موسى عن الحكم لم يذكروا هذا الحديث فيها كبقي بن مخلد . وابن عدي . والطبراني وإنما رواه - فيما علمنا - الدارقطني ثم الخطيب ووهم الدارقطني فقال : إبراهيم بن حبيب وإنما هو إبراهيم بن إسحاق وتبعه الخطيب وزاد وهما ثانيا فقال : الضبي " بالضاد والباء " وإنما الصيني " بصاد مهملة ونون " .
حديث آخر عن أم سلمة رواه الحاكم في " المستدرك .
( 58 ) عن عمر بن هارون عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قرأ في الصلاة " بسم الله الرحمن الرحيم " فعدها آية .
( 59 ) " الحمد لله رب العالمين " آيتين " الرحمن الرحيم " ثلاث آيات إلى آخره قال الحاكم : وعمر بن هارون أصل في السنة وإنما أخرجته شاهدا انتهى . وهذا ليس بحجة لوجوه : أحدها : أنه ليس بصريح في الجهر ويمكن أنها سمعته سرا في بيتها لقربها منه . والثاني : أن مقصودها الإخبار بأنه كان يرتل قراءته حرفا حرفا ولا يسردها وقد رواه هو " أعني الحاكم " من حديث همام ثنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة قالت : كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلّم فوصفت " بسم الله الرحمن الرحيم " حرفا حرفا قراءة بطيئة وقال : على شرط الشيخين وقال الدارقطني : إسناده صحيح ورواه أبو داود .
( 60 ) . والترمذي . والنسائي من حديث يعلى بن مملك أنه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا قال الترمذي : حديث حسن صحيح . الثالث : أن المحفوظ فيه والمشهور أنه ليس في الصلاة وإما قوله : في الصلاة زيادة من عمر بن هارون وهو مجروح تكلم فيه غير واحد من الأئمة قال أحمد بن حنبل : لا أروي عنه شيئا وقال ابن معين : ليس بشيء وكذبه ابن المبارك وقال : قدم عمر بن هارون مكة بعد موت جعفر بن محمد فزعم أنه رآه وحدث عنه وقال النسائي : متروك الحديث وقال صالح : جزرة كان كذابا . وسئل عنه ابن المديني فضعفه جدا وقال ابن حبان : يروي عن الثقات المعضلات ويدعي شيوخا لم يرهم وقد رواه الطحاوي .
( 61 ) من حديث حفص بن غياث ثنا أبي عن ابن جريج به بمثل حديث عمرو بن هارون ثم أخرجه عن ابن مليكة به بلفظ السنن ثم قال : فقد اختلف الذين رووه في لفظه فانتفى أن يكون حجة وكأنه لم يعتد بمتابعة غياث لعمر بن هارون لشدة ضعف ابن هارون . الرابع : أن يقال : غاية ما فيه أنه عليه السلام جهر بها مرة أو نحو ذلك وليس فيه دليل على أن كل إمام يجهر بها في صلاة الجهر دائما ولو كان ذلك معلوما عندهم لم يختلف فيه ولم يقع فيه شك ولم يحتج أحد إلى أن يسأل عنه ولكان من جنس جهره عليه السلام بغيرها ولما أنكره عبد الله بن المغفل وعده حدثا ولكان الرجال أعلم به من النساء والله أعلم .
- حديث آخر رواه الحاكم في " مستدركه .
( يتبع ... )