( تابع ... 3 ) : - والمذاهب في كونها من القرآن ثلاثة : طرفان . ووسط فالطرف الأول قول ... .
( 42 ) عوض : جهر وكأنه رواه بالمعنى ولو ثبت هذا عن أبي أويس فهو غير محتج به لأن أبا أويس لا يحتج بما انفرد به فكيف إذا انفرد بشيء وخالفه فيه من هو أوثق منه مع أنه متكلم فيه فوثقه جماعة وضعفه آخرون وممن ضعفه أحمد بن حنبل وابن معين . وأبو حاتم الرازي وممن وثقه الدارقطني . وأبو زرعة وقال ابن عدي : يكتب حديثه وروى له مسلم في " صحيحه " ومجرد الكلام في الرجل لا يسقط حديثه ولو اعتبرنا ذلك لذهب معظم السنة إذ لم يسلم من كلام الناس إلا من عصمه الله بل خرج في " الصحيح " لخلق ممن تكلم فيهم ومنهم جعفر بن سليمان الضبعي . والحارث بن عبد الأيادي .
( 43 ) . وأيمن بن نابل الحبشي . وخالد بن مخلد القطواني . وسويد بن سعيد الحرثاني . ويونس بن أبي إسحاق السبيعي . وغيرهم ولكن صاحبا الصحيح رحمهما الله إذا أخرجا لمن تكلم فيه فإنهم ينتقون من حديثه .
( 44 ) ما توبع عليه وظهرت شواهده وعلم أن له أصلا ولا يروون ما تفرد به سيما إذا خالفه الثقات كما أخرج مسلم لأبي أويس حديث : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي " لأنه لم يتفرد به بل رواه غيره من الأثبات كمالك . وشعبة . وابن عيينة فصار حديثه متابعة وهذه العلة راجت على كثير ممن استدرك على " الصحيحين " فتساهلوا في استدراكهم ومن أكثرهم تساهلا الحاكم أبو عبد الله في " كتابه المستدرك " فإنه يقول : هذا حديث على شرط الشيخين أو أحدهما وفيه هذه العلة إذ لا يلزم من كون الراوي محتجا به في الصحيح أنه إذا وجد في أي حديث كان ذلك الحديث على شرطه لما بيناه بل الحاكم كثيرا ما يجيء إلى حديث لم يخرج لغالب رواية في الصحيح كحديث روي عن عكرمة عن ابن عباس فيقول فيه : هذا حديث على شرط البخاري " يعني لكون البخاري أخرج لعكرمة " وهذا أيضا تساهل وكثيرا ما يخرج حديثا بعض رجاله للبخاري وبعضهم لمسلم فيقول : هذا على شرط الشيخين وهذا أيضا تساهل وربما جاء إلى حديث فيه رجل قد أخرج له صاحبا " الصحيح " عن شيخ معين لضبطه حديثه وخصوصيته به ولم يخرجا حديثه عن غيره لضعفه فيه أو لعدم ضبطه حديثه أو لكونه غير مشهور بالرواية عنه أو لغير ذلك فيخرجه هو عن غير ذلك الشيخ ثم يقول : هذا على شرط الشيخين أو البخاري . أو مسلم وهذا أيضا تساهل لأن صاحبي " الصحيح " لم يحتجا به إلا في شيخ معين لا في غيره فلا يكون على شرطهما وهذا كما أخرج البخاري . ومسلم حديث خالد بن مخلد القطواني عن سليمان بن بلال . وغيره ولم يخرجا حديثه عن عبد الله بن المثنى فإن خالدا غير معروف بالرواية عن ابن المثنى فإذا قال قائل في حديث يرويه خالد بن مخلد عن ابن المثنى : هذا على شرط البخاري . ومسلم كان متساهلا وكثيرا ما يجيء إلى حديث فيه رجل ضعيف أو متهم بالكذب وغالب رجاله رجال الصحيح فيقول : هذا على شرط الشيخين . أو البخاري . أو مسلم وهذا أيضا تساهل فاحش ومن تأمل كتابه " المستدرك " تبين له ما ذكرناه قال ابن دحية في كتابه " العلم " المشهور : ويجب على أهل الحديث أن يتحفظوا من قول الحاكم أبي عبد الله فإنه كثير الغلط ظاهر السقط وقد غفل عن ذلك كثير ممن جاء بعده وقلده في ذلك والمقصود من ذلك أن حديث أبي أويس هذا لم يترك لكلام الناس فيه بل لتفرده به ومخافة الثقات له وعدم إخراج أصحاب المسانيد . والكتب المشهورة . والسنن المعروفة ورواية مسلم الحديث في " صحيحه " من طريقه وليس فيه ذكر البسملة والله أعلم .
- طريق آخر أخرجه الدارقطني عن خالد .
( 45 ) بن الياس عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " علمني جبرئيل الصلاة فقام فكبر لنا ثم قرأ : " بسم الله الرحمن الرحيم " فيما يجهر به في كل ركعة " انتهى . وهذا إسناد ساقط فإن خالد بن الياس مجمع على ضعفه قال البخاري عن الإمام أحمد : إنه منكر الحديث وقال ابن معين : ليس بشيء ولا يكتب حديثه وقال ابن أبي حاتم عن أبيه : منكر الحديث وقال النسائي : متروك الحديث وقال البخاري : ليس بشيء وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات وقال الحاكم : روى عن المقبري . ومحمد بن المنكدر . وهشام بن عروة أحاديث موضوعة وتكلم الدارقطني في " العلل " على هذا الحديث وصوب وقفه .
- طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا .
( 46 ) عن جعفر بن مكرم ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عبد الحميد بن جعفر أخبرني نوح بن أبي هلال عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " إذا قرأتم الحمد فاقرؤوا " بسم الله الرحمن الرحيم " إنها أم القرآن . وأم الكتاب . والسبع المثاني و " بسم الله الرحمن الرحيم " أحد آياتها " قال أبو بكر الحنفي : ثم لقيت نوحا فحدثني عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بمثله ولم يرفعه قال عبد الحق في " أحكامه الكبرى " : رفع هذا الحديث عبد الحميد بن جعفر هو ثقة وثقه أحمد . وابن معين وكان سفيان الثوري يضعفه ويحمل عليه ونوح ثقة مشهور انتهى . وهذا ليس فيه دلالة على الجهر ولئن سلم فالصواب فيه الوقف كما هو في متن الحديث وقال الدارقطني في " علله " : هذا حديث يرويه نوح بن أبي بلال واختلف عليه فيه فرواه عبد الحميد بن جعفر عنه واختلف عنه فرواه المعافي بن عمران عن عبد الحميد عن نوح بن أبي بلال عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعا رواه أسامة بن زيد . وأبو بكر الحنفي عن نوح بن أبي بلال عن المقبري عن أبي هريرة موقوفا وهو الصواب فإن قيل : إن هذا موقوف في حكم المرفوع إذ لا يقول الصحابي : إن البسملة - أحد آيات الفاتحة - إلا عن توقيف أو دليل قوي ظهر له وحينئذ يكون لها حكم سائر آيات الفاتحة من الجهر والإسرار قلت : لعل أبا هريرة سمع النبي صلى الله عليه وسلّم يقرأها فظنها من الفاتحة قال : إنها إحدى آياتها ونحن لا ننكر أنها من القرآن ولكن النزاع وقع في مسألتين : إحداهما : أنها آية من الفاتحة . والثانية : أن لها حكم سائر آيات الفاتحة جهرا وسرا ونحن نقول : إنها آية مستقلة قبل السورة وليست منها جمعا بين الأدلة وأبو هريرة لم يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال : هي إحدى آياتها وقراءتها قبل الفاتحة لا يدل على ذلك وإذا جاز أن يكون مسند أبي هريرة قراءة النبي صلى الله عليه وسلّم لها وقد ظهر أن ذلك ليس بدليل على محل النزاع فلا يعارض به أدلتنا الصحيحة الثابتة . وأيضا فالمحفوظ الثابت عن سعيد المقري عن أبي هريرة في هذا الحديث عدم ذكر البسملة كما رواه البخاري في " صحيحه .
( 47 ) " من حديث ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " الحمد لله هي أم القرآن وهي السبع المثاني والقرآن العظيم " ورواه أبو داود . والترمذي وقال : حسن صحيح هذا مع أن عبد الحميد بن جعفر ممن تكلم فيه ولكن وثقه أكثر العلماء واحتج به مسلم في " صحيحه " وليس تضعيف من ضعفه مما يوجب رد حديثه ولكن الثقة قد يغلط والظاهر أن غلط هذا الحديث والله أعلم قال الخطيب : وقول الخصم : إن الجهر بالبسملة انفرد به عن النبي صلى الله عليه وسلّم أبو هريرة غير صحيح بل رواه غيره من الصحابة .
- حديث آخر عن علي بن أبي طالب وله طريقان : أحدهما : رواه الحاكم في " مستدركه " ( 48 ) عن سعيد بن عثمان الخراز ثنا عبد الرحمن بن سعيد المؤذن ثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي . وعمار أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يجهر في المكتوبات " ببسم الله الرحمن الرحيم " وقال : صحيح الإسناد ولا أعلم في رواته منسوبا إلى الجرح وتعقبه الذهبي في " مختصره " فقال : هذا خبر واه كأنه موضوع لأن عبد الرحمن صاحب مناكير ضعفه ابن معين وسعيد إن كان الكريزي ( 49 ) فهو ضعيف وإلا فهو مجهول انتهى . وعن الحاكم رواه البيهقي في " المعرفة " بسنده ومتنه وقال : إسناده ضعيف إلا أنه أمثل من حديث جابر الجعفي قلت : وفطر بن خليفة قال السعدي : غير ثقة روى له البخاري مقرونا بغيره . والأربعة وتصحيح الحاكم لا يعتد به سيما في هذا الموضع فقد عرف تساهله في ذلك وقال ابن عبد الهادي : هذا حديث باطل ولعله أدخل عليه . الطريق الثاني : رواه الدارقطني في " سننه " عن أسيد بن زيد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي الطفيل عن علي . وعمار نحوه وعمرو بن شمر . وجابر الجعفيان كلاهما لا يجوز الاحتجاج به لكن عمرو أضعف من جابر قال الحاكم : عمرو بن شمر كثير الموضوعات عن جابر . وغيره وإن كان جابر مجروحا فليس يروي تلك الموضوعات الفاحشة عنه غير عمرو بن شمر فوجب أن يكون الحمل فيها عليه وقال الجوزجاني : عمرو بن شمر زائغ كذاب وقال البخاري : منكر الحديث وقال النسائي . والدارقطني . والأزدي : متروك الحديث وقال ابن حبان : كان رافضيا يسب الصحابة وكان يروي الموضوعات عن الثقات لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب وأما جابر الجعفي فقال فيه الإمام أبو حنيفة : ما رأيت أكذب من جابر الجعفي ما أتيته بشيء من رأي إلا أتاني فيه بأثر وكذبه أيضا أيوب . وزائدة . وليث بن أبي سليم . والجوزجاني . وغيرهم وقال ابن عدي : هو إلى الضعف أقرب وقد احتمله الناس ورووا عنه عامة ما جرحوا به أنه كان يؤمن بالرجعة كان يقول : إن عليا يرجع إلى الدنيا ولم يختلف أحد في الرواية عنه انتهى . وأسيد بن زيد أيضا كذبه ابن معين وتركه النسائي وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه وقال الدارقطني : ضعيف وقال ابن ماكولا : ضعفوه وقال ابن حبان : يروي عن الثقات المناكير ويسرق الحديث ويحدث به وله طريق آخر عند الدارقطني أيضا عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي قال : كان عليه السلام يجهر " ببسم الله الرحمن الرحيم " في السورتين جميعا : الفاتحة . والتي بعدها وعيسى هذا والد أحمد بن عيسى المتهم بوضع حديث ابن عمر وهو وضاع قال ابن حبان والحاكم روى عن آبائه أحاديث موضوعة لا يحل الاحتجاج بها .
- حديث آخر عن ابن عباس وله ثلاث طرق : أحدها : عند الحاكم في " المستدرك " عن عبد الله بن عمرو بن حسان ثنا شريك عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يجهر " ببسم الله الرحمن الرحيم " انتهى . قال الحاكم : إسناده صحيح وليس له علة .
( 50 ) وقد احتج البخاري لسالم هذا وهو ابن عجلان الأفطس واحتج مسلم بشريك انتهى . وهذا الحديث غير صريح . ولا صحيح فأما كونه غير صريح فإنه ليس فيه : أنه : في الصلاة وأما غير صحيح فإن عبد الله بن عمرو بن حسان الواقعي .
( 51 ) كان يضع الحديث قاله إمام الصنعة علي بن المديني وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سألت أبي عنه فقال : ليس بشيء كان يكذب وقال ابن عدي : أحاديثه مقلوبات وفي الحاكم : احتج مسلم بشريك نظر فإنه إنما روى له في " المتابعات " لا في " الأصول " . الطريق الثاني : عند الدارقطني عن أبي الصلت الهروي واسمه " عبد السلام بن صالح " ثنا عباد بن العوام ثنا شريك عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلّم يجهر في الصلاة " ببسم الله الرحمن الرحيم " وهذا أضعف من الأول فإن أبا الصلت متروك قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه فقال : ليس عندي بصدوق ولم يحدثني عنه وأما أبو زرعة فإنه ضرب على حديثه وقال : لا أحدث عنه ولا أرضاه وقال الدارقطني : رافضي خبيث اتهم بوضع " الإيمان إقرار باللسان وعمل بالأركان " انتهى . وكأن هذا الحديث - والله أعلم - مما سرقه أبو الصلت من غيره وألزقه بعباد بن العوام وزاد فيه : إن الجهر في الصلاة فإن غير أبي الصلت رواه عن عباد فأرسله وليس فيه : أنه في الصلاة قال أبو داود في " مراسيله " : حدثنا عباد بن موسى ثنا عباد بن العوام عن شريك عن سالم عن سعيد بن جبير قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يجهر " ببسم الله الرحمن الرحيم " بمكة وكان أهل مكة يدعون مسيلمة - الرحمن - فقالوا : إن محمدا يدعو إلى إله اليمامة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأخفاها فما جهر بها حتى مات انتهى . وقال إسحاق بن راهويه في " مسنده " : أنبأ يحيى بن آدم أنبأ شريك عن سالم الأفطس عن سعيد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يجهر " ببسم الله الرحمن الرحيم " يمد بها صوته وكان المشركون يهزؤون مكاءا وتصدية ويقولون : يذكر إله اليمامة " يعنون مسيلمة " ويسمونه - الرحمن - فأنزل الله تعالى : { ولا تجهر بصلاتك } الآية قال البيهقي : وزاد فيه غير يحيى بن آدم قال : فخفض النبي صلى الله عليه وسلّم " بسم الله الرحمن الرحيم " وقد أسند هذا الطبراني في " معجمه الوسط " فقال : حدثنا عبد الرحمن بن الحسين الصابوني ثنا يحيى بن طلحة اليروبع ثنا عباد بن العوام عن شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان رسول الله A إذا قرأ : " بسم الله الرحمن الرحيم " هزأ منه المشركون ويقولون : محمد يذكر إله اليمامة إلى آخره مع أنه ورد في الصحيح أن هذه الآية نزلت في قراءة القرآن جهرا لا في البسملة أخرجه البخاري في " صحيحه .
( 52 ) " عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } ورسول الله A مختف بمكة كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإن سمعه المشركون سبوا القرآن . ومن أنزله . ومن جاء به فقال الله لنبيه : { ولا تجهر بصلاتك } أي بقراءتك فيسب المشركون فيسبوا القرآن { ولا تخافت بها } عن أصحابك { وابتغ بين ذلك سبيلا } وورد في " الصحيح " أيضا أنها نزلت في الدعاء أخرجه البخاري أيضا .
( يتبع ... )