والتكفير قد يستعمل في فعل العبدكما يقال : كفر عن يمينهوهو يقتضي أن يكون الثاني أخف من الأول على تحمل ما فيه إنما يقتضي مجرد الأخفية وأما كون الأول الكبائر والثاني الصغائر بالمعنى المراد فلا يجوز يراد بالأول والثاني ما ذكر في القول الثالث فإن الأخفية وعدمها فيه مما لا سترة عليه كما لا يخفى ثم المفهوم من كثير من عبارات اللغويين عدم الفرق بين الغفران والتكفير بل صرح بعضهم بأن معناهما واحد .
وقيل : في التكفير معنى زائد وهو التغطية للأمن من الفضيحة وقيل : إنه كثيرا ما يعتبر فيه معنى الإذهاب والإزالة ولهذا يعدى بعن والغفران ليس كذلك وفي ذكر لنا و عنا في الآية مع أنه لو قيل : فأغفر قلوبنا وكفر سيئاتنا لأفاد المقصود إيماء إلى وفور الرغبة في هذين الأمرين وأدعى بعضهم أن الدعاء الأول متضمن للدعاء بتوفيق الله تعالى للتوبة لأنه السبب لمغفرة الكبائر وأن الدعاء الثاني متضمن لطلب التوفيق منه سبحانه للإجتناب عن الكبائر لأنه السبب لتفكير الصغائر وأنت تعلم أن المغفرة غير مشروطة بالتوبة عند الأشاعرة وأن بعضهم أحتج بهذه الآية على ذلك حيث أنهم طلبوا المغفرة بدون ذكر التوبة بل بدون التوبة بدلالة فاء التعقيب كذا قيل وسيأتي تحقيق ما فيه فتدبر وتوفنا مع الأبرار اي مخصوصين بالإنخراط في سلكهم والعد من زمرتهم ولا مجال لكون المعية زمانية إذ منهم من مات قبل ومن يموت بعد وفي طلبهم التوفي وإسنادهم له إلى الله تعالى إشعار بأنهم يحبون لقاء الله تعالى ومن أحب لقاء الله تعالى أحب الله تعالى لقاءه .
والأبرار جمع بر كأرباب جمع رب وقيل : جمع بار كأصحاب جمع صاحب وضعف بأن فاعلا لا يجمع على أفعال وأصحاب جمع صحب بالسكون أو صحب بالكسر مخفف صاحب بحذف الألف .
وبعض أهل العربية أثبته وجعله نادرا ونكتة قولهم مع الأبرار دون أبرارا التذلل وأن المراد لسنا بأبرار فأسلكنا معهم وأجعلنا من أتباعهم وفي الكشف إن في ذلك هضما للنفس وحسن أدب مع إدماج مبالغة لأنه من باب هو من العلماء بدل عالم ربنا وآتنا أي بعد التوفي ما وعدتنا أي به أو إياه والمراد بذلك الثواب على رسلك إما متعلق بالوعد أو بمحذوف وقع صفة لمصدر مؤكد محذوف وعلى التقديرين في الكلام مضاف محذوف والتقدير على التقدير الأول وعدتنا على تصديق أو إمتثال رسلك وهو كما يقالوعد الله تعالى الجنة على الطاعة وعلى الثاني وعدتنا وعدا كائنا على ألسنة رسلك ويجوز أن يتعلق الجار على تقدير الألسنة بالوعد أيضا فتخف مؤنة الحذف وتعلقه باتنا كما جوزه أبو البقاء خلاف الظاهر .
وبعض المحققين جوز التعلق بكون مقيد هو حال من ما أي منزلا أو محمولا على رسلك .
وأعترضه أبو حيان بأن القاعدة أن متعلق الظرف إذا كان كونا مقيدا لا يجوز حذفه وإنما يحذف إذا كان كونا مطلقا وأيضا الظرف هنا حال وهو إذا وقع حالا أو خبرا أو صفة يتعلق بكون مطلق لا مقيد وأجيب بمنع إنحصار التعلق في كون مطلق بل يجوز التعلق به أو بمقيد ويجوز حذفه إذا كان عليه دليل ولا يخفى متانة الجواب وأن إنكار أبي حيان ليس بشيء إلا أن تقدير كون مقيد فيما نحن فيه تعسف مستغنى عنه .
وزعم بعضهم جواز كون على بمعنى مع وأنه متعلقباتناولا حذف لشيءأصلا والمرادآتنا مع رسلك وشاركهم معنا في أجرنافإن الدال على الخير كفاعله وفائدة طلب تشريكهم معهم أداء حقهم وتكثير فضيلهم ببركة مشاركتهم ولا يخفى أن هذا مما لا ينبغي تخريج كلام الله تعالى الجليل عليه بل ولا كلام أحد من