أما الأولى فبإحتمال أن لايسعى بعد القتل مؤمنا وإن كان قبل مومنا وأما الأخريان فبخصوص المحمول وجزئية الموضوع كما تقرر آنفا وما للظالمين من أنصار 291 اي ليس لكل منهم ناصر ينصره ويخلصه مما هو فيه والجملة تذييل لإظهار فظاعة حالهم وفيه تأكيد للإستدعاء ووضع الظالمين موضع ضمير المدخلين لذمهم والإشعار بتعليل دخولهم النار بظلمهم وتمسكت المعتزلة بنفي الأنصار على نفي الشفاعة لسائر المدخلين وأجيب بأن الظالم على الإطلاق هو الكافر لقوله تعالى : والكافرون هم الظالمون وقيل : نفي الناصر لا يمنع نفي الشفيع لأن النصر دفع بقوة والشافعة تخليص بخضوع وتضرع وله وجه والقول : بأن العرف لا يساعده غير متجه .
وقال في الكشف : الظاهر من الآية أن من دخل النار لا ناصر له من دخولها أما إنه لا ناصر له من الخروج بعد الدخول فلا وذلك لأنه عام في نفي الإفراد مهمل بحسب الأوقات والظاهر التقييد بما يطلب النصر أولا لأجله كمن أخذ يعاقب فقلت : ماله من ناصر لم يفهم منه أن العقاب لا ينتهي بنفسه وأنه بعد العقاب لم يشفع بل فهم منه لم يمنعه أحد مما حل به ثم إن سلم التساوي لم يدل على النفي وأجاب غير واحد على تقدير عموم الظالم وعدم الفرق بين النصر والشفاعة بأن الأدلة الدالة على الشفاعة وهي أكثر من أن تحصى مخصصة للعموم وقد تقدم ما ينفعك هنا ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان على معنى القول ايضا وهو كما قال شيخ الإسلام : حكاية لدعاء آخر مبني على تأملهم في الدليل السمعي بعد حكاية دعائهم السابق المبني على تفكرهم في الأدلة القطعية ولا يخفى أن ذلك التفكر مستدع في الجملة لهذا القول وفي تصدير مقدمة الدعاء بالنداء إشارة إلى كمال توجههم إلى مولاهم وعدم غفلتهم عنه مع إظهار كمال الضراعة والإبتهال إلى معود الإحسان والإفضال وفي التأكيد إيذان بصدور ذلك عنهم بوفور الرغبة ومزيد العناية وكمال النشاط والمراد بالمنادي رسول الله وهو المروى عن إبن مسعود وإبن عباس وإبن جريجوأختاره الجبائي وغيره .
وقيل : المراد به القرآن وهو المحكي عن محمد بن كعب القرظي وقتادة وأختاره الطبري معلالا ذلك بأنه ليس يسمع كل واحد النبي ولا يراه والقرآن ظاهر باق على ممر الأيام والدهور يسمعه من أدرك عصر نزوله ومن لم يدرك ولأهل القول الأول أن يقولوا : من بلغه بعثة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ودعوته جاز له أن يقول : سمعنا مناديا وإن كان فيه ضرب من التجوز وأيضا المراد بالنداء الدعاء ونسبته إليه صلى الله تعالى عليه وسلم أشهر وأظهر فقد قال تعالى : أدع إلى سبيل ربك أدعوا إلى الله وداعيا إلى الله وهي إليه E حقيقة وإلى القرآن على حد قوله : تناديك أجداث وهن صموت وسكانها تحت التراب سكوت والتنوين في المنادي للتفخيم وإيثاره على الداعي للإشارة إلى كمال إعتنائه بشأن الدعوة وتبليغها إلى القريب والبعيد لما فيه من الإيذان برفع الصوت وقد كان شأنه الرفيع في الخطب ذلك الرفع حقيقة ففي الخبر كان صلى الله تعالى عليه وسلم إذا خطب أحمرت عيناه وعلا صوته وأشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ومساكم ولما كان النداء مخصوصا بما يؤدي له ومنتهيا إليه تعدى باللام وإلى تارة وتارة فاللام في للإيمان على ظاهرها ولا حاجة إلى جعلها بمعنى إلى أو الباء ولا إلى جعلها بمعنى العلةكما ذهب إليه البعض وجملة ينادي في موضع المفعول الثانيلسمععلى ما ذهب إليه الأخفش وكثير من النحاة من تعدىسمعهذه إلى مفعولين ولا حذف في الكلام وذهب الجمهور إلى أنها لا تتعدى إلا إلى واحد وأختاره إبن الحاجب قال