وضعف بالبعد ولو قيل : وفيه رد لهان الأمر .
هذا ومن باب الإشارة في الآيات ولا يحزنك لتوقع الضرر أو لشدة الغيرة الذين يسارعون في الكفر لحجابهم الأصلي وظلمتهم الذاتية إنهم لن يضروا الله شيئا فإن ساحة الكبرياء مقدسة عن هجوم ظلال الضلال أو المراد لن يضروك أيها المظهر الأعظم إلا أنه تعالى أقام نفسه تعالى مقام نفسه صلى الله تعالى عليه وسلم وفي الآية إشارة إلى الفرق والجمع يريد الله إظهارا لصفة قهره أن لا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم لعظم حجابهم ونظرهم إلى الأغيار إن الذين أشتروا الكفر وأخذوه بالإيمان بدله لقبح إستعدادهم وسوء إختيارهم الغير المجعول لن يضروا الله شيئا ولكن يضرون أنفسهم لحرمانها تجلي الجمال ولهم عذاب أليم لكونهم غدوا بذلك مظهر الجلال ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم ونزيد في مددهم خير لأنفسهم ينتفعون به في القرب إلينا إنما نملي لهم ليزدادوا إثما بسبب ذلك لأزديادهم حجابا على حجاب وبعدا على بعد ولهم عذاب مهين لفرط بعدهم عن منبع العز ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه من ظاهر الإسلام وتصديق اللسان حتى يميز الخبيث من صفات النفس وحظوظ الشيطان ودواعي الهوى من الطيب وهو صفات القلب كالإخلاص واليقين والمكاشفة ومشاهدة الروح ومناغاة السر ومسامراته وذلك بوقوع الفتن والمصائب بينكم وما كان الله ليطلعكم على الغيب أي غيب وجودكم من الحقائق الكامنة فيكم بلا واسطة الرسول للبعد وعدم المناسبة وإنتفاء إستعداد التلقي منه سبحانه ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فيطلعه على ذلك ويهديكم إلى ما غاب عنكم من كنوز وجودكم وأسراره للجنسية التي بينكم وبينه فآمنوا بالله ورسله بالتصديق والتمسك بالشريعة ليمكنكم التلقي منهم وإن تؤمنوا بعد ذلك الإيمان الحقيقي الحاصل بالسلوك والمتابعة في الطريقة وتتقوا الحجب والموانع فلكم أجر عظيم من كشف الحقيقة وقد يقال : إن لله تعالى غيوبا غيب الظاهر وغيب الباطن وغيب الغيب وسر الغيب وغيب السر فغيب الظاهر هو ما أخبر به سبحانه عن أمر الآخرة وغيب الباطن هو غيب المقدورات المكنونة عن قلوب الأغيار وغيب الغيب هو سر الصفات في الأفعال وسر الغيب هو نور الذات في الصفة وغيب السر هو غيب القدم وسر الحقيقة والإطلاع بالواسطة على ما عدا الأخير واقع للسالكين على حسب مراتبهم وأما الإطلاع على الأخير فغير واقع لأحد أصلا فإن الأزلية منزهة عن إدراك وخاصة بنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم من ذلك المعنى رؤيته بنعت الكشف له وإبتسام صباح الأزل في وجهه لا بنعت الإحاطة والإدراك ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله من المال أو العلم أو القدرة أو النفس فلا ينفقونه في سبيل الله على المستحقين أو المستعدين أو الأنبياء والصديقين في الذب عنهم أو في الفناء في الله تعلى هو خيرا لهم بل هو شر لهم لإحتجابهم به سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ويلزمون وباله ويبقى ذلك حسرة في قلوبهم عند هلاكهم على ما يشير قوله تعالى : ولله ميراث السموات والأرض وقد ذكر بعض العارفين إن من أعظم أنواع البخل كتم الأسرار عن أهلها وعدم إظهار مواهب الله تعالى على المريدين وإبقائهم في مهامه الطريق مع التمكن من إرشادهم ويقال : إن مبنى الطريق على السخاء وإن السخاء بالمال وصف المريدين والسخاء بالنفس وصف المحبين وبالروح وصف العارفين .
وقال إبن عطاء : السخاء بذل النفس والسر والروح والكل ومن بخل في طريق الحق بماله حجب وبقى