الإلتفات وعكسه جعل الشيء نصب العين ومقابلها وأشتروا به أي بالكتاب الذي أمروا ببيانه ونهوا عن كتمانه وقيل : الضمير للعهد والأول أولى والمعنى أخذوا بدله ثمنا قليلا من حطام الدنيا الفانية وأغراضها الفاسدة فبئس ما يشترون 781 أي بئس شيئا يشترونه ذلك الثمن فما نكرو منصوبة مفسرة لفاعل بئسوجملة يشترونه صفته والمخصوص بالذم محذوف وقيل : ما مصدرية فاعلبئسوالمخصوص محذوف أي بئس شراؤهم هذا الشراء لإستحقاقهم به العذاب الأليم وأستدل بالآية على وجوب إظهار العلم وحرمة كتمان شيء من أمور الدين لغرض فاسد من تسهيل على الظلمة وتطييب لنفوسهم وإستجلاب لمسارهم وإستجذاب لمبارهم ونحو ذلك وفي الخبر من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار وروى الثعلبي بإسناده عن الحسن بن عمارة قال : أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث فألفيته على بابه فقلت : إن رأيت أن تحدثني فقال : أما علمت أني تركت الحديث فقلت : إما إن تحدثني وإما أن أحدثك فقال : حدثني فقلت : حدثني الحكم إبن عيينة عن نجم الخراز قال : سمعت علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه يقول : ما أخذ الله تعالى على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا قال : فحدثني أربعين حديثا وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة لولا ما أخذ الله تعالى على أهل الكتاب ما حدثتكم وتلا هذه الآية .
وأخرج إبن سعد عن الحسن لولا الميثاق الذي أخذه الله تعالى على أهل العلم ما حدثتكم بكثير مما تسألون عنه ويؤيد الإستدلال بالآية على ماذكر ماأخرجه إبن جرير عن أبي عبيدة قال : جاء رجل إلى قوم في المسجد وفيهم عبدالله بن مسعود فقال : إن كعبا يقرئكم السلام ويبشركم أن هذه الآية وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب إلخ ليست فيكم فقال له عبدالله وأنت فأقرئه السلام أنها نزلتوهو يهودي وأراد إبن مسعود رضي الله تعالى عنه أن كعبا لم يعرف ماأشارت إليه وإن نزلت في أهل الكتاب لا تحسبن خطاب لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب أي لا تظنن .
الذين يفرحون بما أتوا أي بما فعلوا وبه قرأ أبي وقريء بما آتوا و بما أوتوا وروى الثاني عن علي كرم الله تعالى وجهه ويحبون أن يحمدوا أي أن يحمدهم الناس وقيل : المسلمون وقيل : رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بما لم يفعلوا قال إبن عباس فيما أخرجه عنه إبن أبي حاتم من طريق العوفي : هم أهل الكتاب أنزل عليهم الكتاب فحكموا بغير الخحق وحرفوا الكلام عن مواضعه وفرحوا بذلك وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الصلاة والصيام وفي رواية البخاري وغيره عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سألهم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه وأستحدوا بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه وأخرج إبن جرير عن سعيد إبن جبير أنهم يفرحون بكتمانهم صفة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم التي نطق بها كتابهم ويحبون أن يحمدوا بأنهم متبعون دين إبراهيم عليه السلام فعلى هذا يكون الموصول عبارة عن المذكورين سابقا الذين أخذ ميثاقكم وقد وضع موضع ضميرهم وسبقت الجملة لبيان ما يستتبع أعمالهم المحكية من العذاب