حق الإيمان وتتقوا المخالفة في الأمر والنهي أو تتقوا النفاق فلكم بمقابلة ذلك فضلا من الله تعالى أجر عظيم 971 لا يكتنه ولا يحد في الدنيا والآخرة .
ولا يحسبن الذين يبخلون بمآ آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بيان لحال البخل وسوء عاقبته وتخطئة لأهله في دعواهم خيريته حسب بيان حال الإملاء وبهذا ترتبط الآية بما قبلها .
وقيل : وجه الإرتباط أنه تعالى لما بلغ في التحريض على بذل الأرواح في الجهاد وغيره شرع ههنا في التحريض على بذل المال وبين الوعيد الشديد لمن يبخل وإيراد ما بخلوا به بعنوان إيتاء الله تعالى إياه من فضله للمبالغة في بيان سوء صنيعهم فإن ذلك من موجبات بذله في سبيله سبحانه وفعل الحسبان مسند إلى الموصول والمفعول الأول محذوف لدلالة الصلة عليه .
وأعترض بأن المفعول في هذا الباب مطلوب من جهتين من جهة العامل فيه ومن جهة كونه أحد جزأي الجملة فلما تكرر طلبه أمتنع حذفه ونقض ذلك بخبر كان فإنه مطلوب من جهتين أيضا ولا خلاف في جواز حذفه إذا دل عليه دليل .
ونقل الطيبي عن صاحب الكشاف أن حذف أحد مفعولى حسب إنما يجوز إذا كان فاعل حسب ومفعولاه شيئا واحدا في المعنى كقوله تعالى : ولا يحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا على القراءة بالياء التحتية ثم قال : وهذه الآية ليست كذلك فلا بد من التأويل بأن يقال : إن الذين يبخلون الفاعل لما أشتمل على البخل كان في حكم إتحاد الفاعل والمفعول ولذلك حذف وقيل : إن الزمخشري كنى عن قوة القرينة بالإتحاد الذي ذكره وكلا القولين ليسا بشيء والصحيح أن مدار صحة الحذف القرينة فمتى وجدت جاز الحذف ومتى لم توجد لم يجز .
والقول بأن هو ضمير رفع أستعير في مكان المنصوب وهو راجع إلى البخل أو الإيتاء على أنه مفعول أولا تعسف جدا لا يليق بالنظم الكريموإن جوزه المولى عصام الدين تبعا لأبي البقاء حتى قال في الدر المصون : إنه غلط والصحيح أنه ضمير فصل بين مفعولي حسب لا توكيد للمظهر كما توهم وقيل : الفعل مسند إلى ضمير النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو ضمير من يحسب والمفعول الأول هو الموصول بتقدير مضاف أي بخل الذين والثاني خيرا كما في الوجه الأول وهو خلاف الطاهر نعم إنه متعين على قراءة الخطاب .
وعلى كل تقدير يقدر بين الباء ومجرورها مضاف أي لا يحسبن أو لا تحسبن الذين يبخلون بإنفاق أو زكاة ما آتاهم الله من فضله هو صفة حسنة أو خيرا لهم من الإنفاق بل هو شر عظيم لهم والتنصيص على ذلك مع علمه مما تقدم للمبالغة سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة بيان لكيفية شريته لهم والسين مزيدة للتأكيد والكلام عند الأكثرين إما محمول على ظاهره فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : من آتاه الله تعالى مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاع أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فيأخذ بلهزمتيه يقول : أنا مالك أنا كنزك ثم تلا هذه الآية .
وأخرج غير واحد عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل ما أعطاه الله تعالى إياه فيبخل عليه إلا خرج له يوم القيامة من جهنم شجاع يتلمظ حتى يطوقه ثم قرأ الآية