وليس بشيء ولهم عذاب مهين 871 جملة مبتدأة مبينة لحالهم في الآخرة إثر بيان حالهم في الدنيا أو حال من الواو أي ليزدادوا إثما معدا لهم عذاب مهين وهذا متعين في القراءة الأخيرةكما ذهب إليه غير واحد من المحققينليكون مضمون ذلك داخلا في حيز النهي عن الحسبان بمنزلة أن يقال : ليزدادوا إثما وليكون لهم عذاب وجعلها بعضهم معطوفة على جملة ليزدادوا بأن يكون عذاب مهين فاعل الظرف بتقدير ويكون لهم عذاب مهين وهو من الضعف بمكان نعم قيل : بجواز كونها إعتراضية وله وجه في الجملة هذا وإنما وصف عذابهم بالإهانة لأنهكما قال شيخ الإسلاملما تضمن الإملاء التمتع بطيبات الدنيا وزينتها وذلك مما يستدعي التعزز والتجبر وصفه به ليكون جزاؤهم جزاءا وفاقاقاله شيخ الإسلامويمكن أن يقال إن ذلك إشارة إلى رد ما يمكن أن يكون منشأ لحسبانهم وهو أنهم أعزة لديه عزوجل إثر الإشارة إلى رده بنوع آخر .
ما كان الله ليذر المؤمنين على مآ أنتم عليه كلام مستأنف مسوق لوعد المؤمنين ووعيد المنافقين بالعقوبة الدنيوية وهي الفضيحة والخزي إثر بيان عقوبتهم الأخروية وقدم بيان ذلك لأنه أمس بالإملاء لأزدياد الآثام وفي هذا الوعد والوعيد أيضا ما لا يخفى من التسلية له صلى الله تعالى عليه وسلم كما في الكلام السابق وقيل : الآية مسوقة لبيان الحكمة في إملائه تعالى للكفرة إثر بيان شريته لهم ولا يخفى أنه بعيد فضلا عن كونه أقرب والمراد من المؤمنين المخلصون والخطاب على ما يقتضيه الذوق لعامة المخلصين : والمنافقين ففيه إلتفات في ضمن التلوين والمراد بما هم عليه إختلاط بعضهم ببعض وأستواؤهم في إجراء أحكام الإسلام عليهم وإلى هذا جنح المحققون من أهل التفسير وقال أكثرهم : إن الخطاب للمنافقين ليس إلا ففيه تلوين فقط وذهب أكثر أهل المعاني إلى أنه للمؤمنين خاصة ففيه تلوين وإلتفات أيضا .
وأخرج إبن أبي حاتم من طريق علي عن إبن عباس وإبن جرير وغيره عن قتادة أنه للكفار ولعل المراد بهم المنافقون وإلا فهو بعيد جدا واللام في ليذر متعلقة بمحذوف هو الخبر لكان والفعل منصوب بأن مضمرة بعدهاكما ذهب إليه البصريونأي ما كان الله مريدا لأن يذر المؤمنين إلخ وقال الكوفيون اللام مزيدة للتأكيد وناصبة للفعل بنفسها والخبر هو الفعل ولا يقدح في عملها زيادتها إذ الزائد قد يعمل كما في حروف الجر المزيدة فلا ضعف في مذهبهم من هذه الحيثية كما وهم وأصل يذر فحذفت الواو منها تشبيها لها بيدع وليس لحذفها علة هناك إذ لم تقع بين ياء وكسرة ولا ما هو في تقدير الكسرة بخلاف يدع فإن الأصل يودع فحذفت الواو لوقوعها بين الياء وما هو في تقدير الكسرة وإنما فتحت الدال لأن لامه حرف حلقي فيفتح له ما قبله ومثلهيسع ويطأ ويقعولم يستعملوا من يذر ماضيا ولا مصدرا ولا أسم فاعل مثلا إستغناءا بتصرف مرادفه وهو يترك .
وقوله تعالى : حتى يميز الخبيث من الطيب غاية لما يفهمه النفي السابق كأنه قيل : ما يتركهم على ذلك الإختلاف بل يقدر الأمور ويرتب الأسباب حتى يعزل المنافق من المؤمن وليس غاية للكلام السابق نفسه إذ يصير المعنى أنه تعالى لا يترك المؤمنين على ما أنتم عليه إلى هذه الغاية ويفهم منه كما قال السمين : إنه إذا وجدت الغاية ترك المؤمنين على ما أنتم عليه وليس المعنى على ذلك وعبر عن المؤمن والمنافق بالطيب والخبيث تسجيلا على كل منهما بما يليق به وإشعارا بعلة الحكم وأفرد الخبيث والطيب مع تعدد ما أريد بكل إيذانا بأن مدار