لليل والنهار لطول تعاقبهما وأما إملاء الكتاب فسمى بذلك لطول المدة بالوقوف عند كل كلمة .
وقيل : الإملاء التخلية والشأن يقال : أملى لفرسه إا أرخى له الطول ليرعى كيف شاء .
وحاصل التركيب لا يحسبن الكافرون أن إملاءنا لهم أو أن الذي نمليه خير لأنفسهم أو لا يحسبن الكافرون خيرية إملائنا لهم أو خيرية الذي نمليه لهم ثابتة أو واقعة ومآل ذلك نهيهم عن السرور بظاهر إطالة الله تعالى أعمارهم وإمهالهم على ما هم فيه أو بتخليتهم وشأنهم بناءا على حسبان خيريته لهم وتحسيرهم ببيان أنه سر بحت وضرر محض وقرأ حمزة ولا تحسبن بالتاء والخطاب إما لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو الأنسب بمقام التسلية إلا أن المقصود التعريض بهم إذ حسبوا ما ذكر وإما لكل من يتأتى منه الحسبان قصدا إلى إشاعة فظاعة حالهم والموصول مفعول و أنا نملي إلخ بدل إشتمال منه وحيث كان المقصود بالذات هو البدل وكان هنا مما يسد مسد المفعولين جاز الإقتصار على مفعول واحد وإلا فالإقتصار لولا ذلك غير صحيح على الصحيح ويجوز أن يكون أنما نملي مفعولا ثانيا إلا أنه لكونه في تأويل المصدر لا يصح حمله على الذوات فلا بد من تقدير أما في الأول أي لا تحسبن حال الذين كفروا وشأنهم وأما في الثاني أي لا تحسبن الذين كفروا أصحاب أنما نملي لهم إلخ وإنما قيد الخير بقوله تعالى : لأنفسهم لأن الإملاء خير للمؤمنين لما فيه من الفوائد الجمة ومن جعل خيرا فيما نحن فيه أفعل تفضيل وجعل المفضل عليه القتل في سبيل الله تعالى جعل التفضيل مبنيا على إعتبار الزعم والمماشاة والآية نزلت في مشركي مكةوهو المروى عن مقاتلأو في قريظة والنضيروهو المروى عن عطاء إنما نملي لهم ليزدادوا إثما إستئناف بما هو العلة للحكم قبلها والقائلون بأن الخير والشر بإرادته تعالى يجوزون التعليل بمثل هذا إما لأنه غرض وإما لأنه مراد مع الفعل فيشبه العلة عند من لم يجوز تعليلل أفعاله بالأغراض وأما المعتزلة فإنهم وإن قالوا بتعليلها لكن القبيح ليس مرادا له تعالى عندهم ومطلوبا وغرضا ولهذا جعلوا إزدياد الإثم هنا باعثا نحو قعدت عن الحرب جبنا لا غرضا يقصد حصوله ولما لم يكن الأزدياد متقدما على الإملاء هنا والباعث لا بد أن يكون متقدما جعلوه إستعارة بناءا على أن سبقه في علم الله تعالى القديم الذي لا يجوز تخلف المعلوم عنه شبهه بتقدم الباعث في الخارج ولا يخفى تعسفه ولذا قيل : إن الأسهل القول بأن اللام للعاقبة .
وأعترض بأنه وإن كان أقل تكلفا إلا أن القول بها غير صحيح لأن هذه الجملة تعليل لما قبلها فلو كان الإملاء لغرض صحيح يترتب عليه هذا الأمر الفاسد القبيح لم يصح ذلك ولم يصلح هذا تعليلا لنهيهم عن حسبان الإملاء لهم خيرا فتأمل قاله بعض المحققين .
وقرأ يحيى بن وثاب بفتح أنما هذه وكسر الأولى وبياء الغيبة في يحسبن على أن الذين كفروا فاعل يحسبن و أنما نملي لهم ليزدادوا إثما قائم مقام مفعولي الحسبان والمعنى ولا يحسبن الذين كفروا أن إملاءنا لهم لأزدياد الإثم بل للتوبة والدخول في الإيمان وتدارك ما فات وإنما نملي لهم خير لأنفسهم إعتراض بين الفعل ومعموله ومعناه أن إملاءنا خير لهم إن إنتبهوا وتابوا والفرق بين القراءتين أن الإملاء على هذه القراءة لإرادة التوبة والإملاء للإزدياد منفي وعلى القراءة الأخرى هو مثبت والآخر منفي ضمنا ولا تعارض بينهما لأنه عند أهل السنة يجوز إرادة كل منهما ولا يلزم تخلف المراد عن الإرادة لأنه مشروط بشروط كما علمت .
وزعم بعضهم أن جملة إنما نملي لهم خير إلخ حالية أي لا يحسبن في هذه الحالة هذا وهذه الحالة منافية له