على حسب قولهم ومعتقدهم أن تلك الأموال خير وجوز فيماأن تكون موصولة أو نكرة موصوفة والعائد محذوف أو مصدرية ويكون المفعول حينئذ محذوفا أي من جمعهم المال وقرأ نافع وأهل الكوفةغير عاصم متم بالكسر ووافقهم حفص في سائر المواضع إلا ههنا وقرأ الباقون بضم الميم وهو على الأول من مات يمات مثل خفتم من خاف يخاف وعلى الثاني من مات يموت مثل كنتم من كان يكون وقرأ حفص عن عاصم يجمعون بالياء على صيغة الغيبة وقرأ الباقون تجمعونبالتاء على صيغة الخطاب والضمير للمؤمنين وقدم القتل على الموت لأنه أكثر ثوابا وأعظم عند الله تعالى فترتب المغفرة والرحمة عليه أقوى وعكس في قوله سبحانه : ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون 851 لأن الموت أكثر من القتل وهما مستويان في الحشر والمعنى أنكم بأي سبب أتفق هلاككم تحشرون إلى الله تعالى لا إلى غيره فيجزي كلا منكم كما يستحق فيجازي المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته وليس غيره يرجى منه ثواب أو يتوقع منه دفع عقاب فآثروا ما يقربكم إليه ويجر لكم رضاه من العمل بطاعته والجهاد في سبيله ولا تركنوا إلى الدنيا ووما ينسب للحسين رضي الله تعالى عنه فإن تكن الأبدان للموت أنشئت فقتل أمريء بالسيف والله أفضل والكلام في اللامين كالكلام في أختيهما بلامين وإدخال لام القسم على المعمول المقدم مشعر بتأكيد الحصر والإختصاص بأن ألوهيته تعالى هي التي تقتضي ذلك وأدعى بعضهم أن تقديم هذا المعمول لمجرد الإهتمام ويزيده حسنا وقوع ما بعده فاصلة وما أشرنا إليه أولا أولى قالوا : ولولا هذا التقديم لوجب توكيد الفعل بالنون لأن المضارع المثبت إذا كان مستقبلا وجب توكيده مع اللام خلافا للكوفيين حيث يجوزون التعاقب بينهما وظاهر صنيع بعض المحققين يشعر بأن في هذه الجملة مقدرا بقرينة ما قبله أي ولئن متم أو قتلتم في سبيل الله ولعل الحمل على العموم أولى وزعم بعض أن في الآية تقسيم مقامات العبودية إلى ثلاث أقسام فمن عبدالله تعالى خوفا من ناره آمنه مما يخاف وإليه الإشارة بقوله تعالى لمغفرة من الله ومن عبدالله تعالى شوقا إلى جنته أناله ما يرجو وإليه الإشارة بقوله سبحانه : ورحمة لأن الرحمة من أسماء الجنة ومن عبدالله تعالى شوقا إلى وجهه الكريم لا يريد غيره فهو العبد المخلص الذي يتجلى عليه الحق جل جلاله في دار كرامته وإليه الإشارة بقوله عز أسمه : لإلى الله تحشرون ولا يخفى أنه من باب التأويل لا من قبيل التفسير فبما رحمة من الله لنت لهم خطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والفاء لترتيب مضمون الكلام على ما ينبيء عنه السياق من إستحقاق الفارين الملامة والتعنيف منه صلى الله تعالى عليه وسلم بمقتضى الجبلة البشرية حيث صدروا عنه وحياض الأهوال مترعة وشمروا للهزيمة والحرب قائمة على ساق أو من سعة فضاء مغفرته ورحمته والباء متعلقةبلنتوالتقديم للقصر مامزيدة للتأكيد وعليه أجلة المفسرين وهو المأثور عن قتادة وحكى الزجاج الإجماع عليه وفيه نظر فقد قال الأخفش وغيره يجوز أن تكون نكرة بمعنى شيء ورحمة بدل منها وجوز أن تكون صفة لها وقيل : إنها إستفهامية للتعجب والتقدير فبأي رحمة لنت لهم والتنوين في رحمة على كل تقدير للتفخيم ومن متعلقة بمحذوف وقع صفة لها أي فبما رحمة عظيمة كائنة من الله تعالى كنت لين الجانب لهم ولم تعنفهم ولعل المراد بهذه الرحمة ربطه سبحانه وتعالى على جأشه صلى الله تعالى عليه وسلم وتخصيصه له بمكارم الأخلاق وجعل الرفق ولين الجانب مسببا عن ربط