وذلك لأنهم حينئذ ينقطعون إلى الحق ولا يظهر على كل منهم إلا ما في مكمن إستعداده كما قيل : عند الإمتحان يكرم الرجل أو يهان والخطاب في كلا الموضعين للمؤمنين وقيل : إن الخطاب الأول للمنافقين والثاني للمؤمنين وأنه سبحانه إنما خص الصدور بالأولين لأن الصدر معدن الغل والوسوسة فهو أوفق بحال المنافقين وخص القلوب بالآخرين لأن القلب مقر الإيمان والإطمئنان وهو أوفق بحال المؤمنين وأن نسبة الإسلام باللسان إلى الإيمان بالجنان كنسبة الصدر إلى القلب قيل : ولهذا قال سبحانه : والله عليم بذات الصدور بناءا على أن المراد به الترهيب والتحذير عن الإتصال بما لا يرضى من تلك الصفات التي يكون الصدر مكمنا لها إن الذين تولوا منكم يوم ألتقى الجمعان جمع الروح وقواها وجمع النفس وقواها إنما أستزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا من الذنوب لأنها تورث الظلمة والشيطان لا مجال له على إبن آدم بالتزيين والوسوسة إلا إذا وجد ظلمة في القلب ولك أن تبقى الجمعين على ظاهرهما وباقي الإشارة بحاله ولقد عفا الله عنهم حين أستنارت قلوبهم بنور الندم والتوبة إن الله غفور حليم وبمقتضى ذلك ظهرت المخالفات وأردفت بالتوبة ليكون ذلك مرآة لظهور صفات الله تعالى .
ومن هنا جاء لو لم تذنبوا لأتى الله تعالى بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم .
وحكى أن إبراهيم بن أدهم رضي الله تعالى عنه أكثر ليلة في الطواف من قوله : اللهم أعصمني من الذنوب فسمع هاتفا من قلبه يقول ياإبراهيم أنت تسأله العصمة وكل عباده يسألونه العصمة فإذا عصمكم على من يتفضل وعلى من يتكرم ياأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا برؤية الأغيار وإعتقاد تأثير السوى وقالوا لأجل إخوانهم إذا ضربوا في الأرض إذا فارقوهم بترك ما هم عليه وسافروا في أرض نفوسهم وسلكوا سبيل الرشاد أو كانوا غزا أي مجاهدين مع أعدى أعدائهم وهي نفوسهم التي بين جنوبهم وقواها وجنودها من الهوى والشيطان لو كانوا مقيمين عندنا موافقين لنا ما ماتوا بمقاساة الرياضة وما قتلوا بسيف المجاهدة ولأستراحوا من هذا النصب ليجعل الله ذلك أي عدم الكون مثلهم حسرة يوم القيامة في قلوبهم حين يرون ما أعد الله تعالى لكم والله يحيى من يشاء بالحياة الأبدية ويميت من يشاء بموت الجهل والبعد عن الحضرة والله بما تعملون بصير تحذير عن الميل إلى قول المنكرين وإعتقادهم ولئن قتلتم أيها المؤمنون في سبيل الله أي في الجهاد أو متم حتف الأنف وأنتم متلبسون به فعلا أو نية .
لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون 751 اي الكفار من منافع الدنيا ولذاتها مدة أعمارهم وهذا ترغيب للمؤمنين في الجهاد وأنه مما يجب أن يتنافس فيه المتنافسون وفيه تعزية لهم وتسلية مما أصابهم في سبيل الله تعالى إثر إبطال ما عسى أن يثبطهم عن إعلاء كلمة الله تعالى واللام الأولى هي موطئة للقسم والثانية واقعة في جواب القسم وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ووفائه بمعناهومغفرةمبتدأ و من متعلقة بمحذوف وقع صفة لها ووصفت بذلك إظهارا للإعتناء بها ورمزا إلى تحقق وقوعها وذهب غير واحد إلى تقدير صفة أخرى أي لمغفرة لكم من اله وحذفت صفة رحمة لدلالة المذكور عليها والتنوين فيهما للتقليل ولا ينافي ذلك ما يشير إليه الوصف وثبوت أصل الخيرية لما يجمعه الكفار كما يقتضيه أفعل التفضيل إما بناءا على أن الذي يجمعونه في الدنيا قد يكون من الحلال الذي يعد خيرا في نفس الأمر وإما أن ذلك وارد