لأن الشجاعة وسائر الفضائل إعتدالات في قوى النفس عند تنورها بنور القلب المنور بنور التوحيد فلا تكون تامة حقيقية إلا للموحد الموقن وأما المشرك فمحجوب عن منبع القوة بما أشرك مالا وجود ولا ذات في الحقيقة له فهو ضعيف عاذ بقر ملة ومأواهم النار وهي نار الحرمان وبئس مثوى الظالمين الذين وضعوا الشيء في غير موضعه وعبدوا أسماء سموها ما أنزل الله تعالى بها من كتاب ولقد صدقكم الله وعده المشروط بالصبر والتقوى إذ تحسونهم أي تقتلون جنود الصفات البشرية قتلا ذريعا بإذنه وأمره لا على وفق الطبع حتى إذا فشلتم جبنتم عند تجلي الجلال وتنازعتم في الأمر وخالفتم في أمر الطلب وعصيتم المرشد المربي من بعد ما أزاكم ما تحبون من الفوز بأنوار الحضرة منكم من يريد الدنيا لقصور همته وضعف رأيه ومنكم من يريد الآخرة لطول باعه وقوة عقله ثم صرفكم عنهم أي عن أعداء نفوسكم وجنودها ليبتليكم أي يمتحنكم بالستر بعد التجلي بأنوار المشاهدات والصحو بعد السكر بأقداح الواردات والفطام بعد إرضاع ألبان الملاطفات كما يقتضي ذلك الجلال ولقد عفا عنكم بعد ذلك فأنقطعتم إليه كما هو مقتضى الجمال والله ذو فضل عظيم على المؤمنين في طوري التقريب والإبعاد وما ألطف قول من قال : فقسا ليزدجروا ومن يك حازما فليقس أحيانا على من يرحم إذ تصعدون في جبل التوجه إلى الحق ولا تلوون أي لا تلتفتون على أحد من الأمرين الدنيا والآخرة والرسول أي رسول الواردات يدعوكم إلي عباد الله إلي عباد الله فأثابكم غما بغم فجازاكم بدل غم الدنيا والآخرة بغم طلب الحق لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من زخارف الدنيا ولا ما أصابكم من صدمات تجلي القهر والله خبير بما تعملون لأنه سبحانه أقرب إليكم منكم ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا أي وارادا من ألطافه ظهر في صورة النعاس وهو السكينة الرحمانية يغشى طائفة منكم وهم الصادقون في الطلب وطائفة قد أهمتهم أنفسهم وهم أرباب النفوس فإنهم لا هم لهم سوى حظ نفوسهم وإستيفاء لذاتها يظنون بالله غير الحق بمقتضى سوء إستعدادهم يقولون هل لنا من الأمر من شيء أي إن الخلق حالوا بيننا وبين التدبير ولو لم يحولوا لفعلنا ما به صلاحنا قل إن الأمر كله لله فهو المتصرف وحده حسبما يقتضيه الإستعداد فلا تدبير مع تدبيره ولا وجود زلأحد سواه يخفون في أنفسهم الخبيثة ما لا يبدون بزعمهم لك أيها المرشد الكامل يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا بسيف الشبهوات ههنا أي في هذه النشأة قل لو كنتم في بيوتكم وهي منازل العدم الأصلي قبل ظهور هذه التعينات لبرز على حسب العلم الذين كتب عليهم القتل في لوح الأزل إلى مضاجعهم وهي بيداء الشهوات فقد قال سبحانه : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها أي نظهرها بهذا التعين وإنما فعل سبحانه ما فعل لحكم شتى وليبتلي الله تعالى ما في صدوركم أي ليمتحن ما في إستعدادكم من الصدق والإخلاص والتوكل ونحو ذلك من الأخلاق ويخرجها من القوة إلى الفعل وليمحص ما في قلوبكم أي يخلص ما برز من مكمن الصدر إلى مخزن القلب من غش الوساوس وخواطر النفس فإن البلاء سوط يسوق الله تعالى به عباده إليه ولهذا ورد أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل والله تعالى در من قال : لله در النائبات فإنها صدأ اللئام وصيقل الأحرار ما كنت إلا زبرة فطبعنني سيفا وأطلع صرفهن غراري