والفرق بينه وبين كونه جوابا بإختيار الأول لكن لا مطلقا إعتبار قيد العلم في الأجل الذي هو محل النزاع على تقدير إختيار الأول وعدم إعتباره فيه على إختيار الثالث وإن كان معلوما في الواقع ايضا فأفهم ثم إن أبا الحسين ومن تابعه يدعون الضرورة في هذه المسألة وكذا الجمهور في رأي البعض وعند البعض الآخر هي عندهم إستدلالية .
وأحتجوا على مذهبهم بالأحاديث الواردة في أن بعض الطاعات تزيد في العمر وبأنه لو كان المقتول ميتا بأجله لم يستحق القاتل ذما ولا عقابا ولم يتوجه عليه قصاص ولا غرم دية ولا قيمة في ذبح شاة الغير لأنه لم يقطع أجلا ولم يحدث بفعله موتا وبأنه ربما يقتل في الملحمة والحرب ألوف تقضي العادة بإمتناع إتفاق موتهم في ذلك الوقت بآجالهم وتمسك أبو الهذيل بأنه لو لم يمت المقتول لكان القاتل قاطعا لأجل قدره الله تعالى ومغيرا لأمر علمه وهو محال و الكعبي بقوله تعالى : أفئن مات أو قتل حيث جعل القتل قسيما للموت بناءا على أن المراد بالقتل المقتولية وأنها نفس بطلان الحياة وأن الموت خاص بما لا يكون على وجه القتل ومتى كان الموت غير القتل كان للمقتول أجلان : أحدهما القتل والآخر الموت وأجيب عن متمسك الأولين الأول بأن تلك الأحاديث أخبار آحاد فلا تعارض الآيات القطعية كقوله تعالى : إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون أو بأن المراد من أن الطاعة تزيد في العمر أنها تزيد فيما هو المقصود الأهم منه وهو إكتساب الكمالات والخيرات والبركات التي بها تستكمل النفوس الإنسانية وتفوز بالسعادة الأبدية أو بأن العمر غير الأجل لأنه لغة الوقت وأجل الشيء يقال لجميع مدته ولآخرها كما يقال أجل الدين شهران أو آخر شهر كذا ثم شاع إستعماله في آخر مدة الحياة ومن هنا يفسر بالوقت الذي علم الله تعالى بطلان حياة الحيوان عنده على ما قررناه .
والعمر لغة مدة الحياةكعمر زيدكذا ومدة البقاءكعمر الدنياوكثيرا ما يتجوز به عن مدة بقاء ذكر الناس الشخص للخير بعد موته ومنه قولهم : ذكر الفتى عمره الثاني ومن هنا يقال لمن مات وأعقب ذكرا حسنا وأثرا جميلا : مامات فعله أراد صلى الله تعالى عليه وسلم إن تلك الطاعات تزيد في هذا العمر لما أنها تكون سببا للذكر الجميل وأكثر ما ورد ذلك في الصدقة وصلة الرحم وكونهما مما يترتب عليهما ثناء الناس مما لا شبهة فيه قيل : ولهذا لم يقل صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك إنه يزيد في الأجل أو بأن الله تعالى كان يعلم أن هذا المطيع لو لم يفعل هذه الطاعة لكان عمره أربعين مثلا لكنه علم أنه يفعلها ويكون عمره سبعين سنة فنسبة هذه الزيادة إلى تلك الطاعة بناءا على علم الله تعالى أنه لولاها لما كانت هذه الزيادة ومحصل هذا أنه سبحانه قدر عمره سبعين بحيث لا يتصور التقدم والتأخر عنه لعلمه بأن طاعته تصير سببا لثلاثين فتصير مع أربعين من غير الطاعة سبعين وليس محصل ذلك أنه تعالى قدره سبعين على تقدير وأربعين على تقدير حتى يلزم تعدد الأجل والأصحاب لا يقولون به .
والثاني بأن إستحقاق الذم والعقاب وتوجه القصاص او غرم الدية مثلا على القاتل ليس بما يثبت في المحل من الموت بل هو بما أكتسبه وأرتكبه من الإقدام على الفعل المنهي عنه الذي يخلق الله تعالى به الموت كما في سائر الأسباب والمسببات لا سيما عند ظهور أمارات البقاء وعدم ما يظن معه حضور الأجل حتى لو علم موت شاة بإخبار صادق معصوم أو ظهرت الإمارات المفيدة لليقين لم يضمن عند بعض الفقهاء والثالث بأن العادة منقوضة أيضا بحصول موت الوف في وقت واحد من غير قتال ولا محاربة كما في أيام الوباء مثلا على أن