أي وكنتم على طرف حفرة من جهنم إذ لم يكن بينكم وبينها إلا الموت وتفسير الشفا بالطرف مأثور عن السدي في الآية ووارد عن العرب ويثنى على شفوان ويجمع على أشفاء ويضاف إلى الأعلى ك شفا جرف هار وإلى الأسفل قيل : كما هنا وكون المراد من النار ما ذكرنا هو الظاهر وحملها على نار الحرب بعيد فأنقذكم منها أي بمحمد قاله إبن عباسوالضمير المجرور عائد إما على النار أو على حفرة أو على شفا لأنه بمعنى الشفة أو لإكتسابه التأنيث من المضاف إليه كما في قوله : وتشرق بالقول الذي قد أذعته كما شرقت صدر القناة من الدم فإن المضاف يكتسب التأنيث من المضاف إليه إذا كان بعضا منه أو فعلا له أو صفة كما صرحوا به وما نحن فيه من الأول ومن أطلق لزمه جواز قامت غلام هند وأختار الزمخشري الإحتمال الأخير وقال إبن المنير : وعود الضمير إلى الحفرة أتم لأنها التي يمتن بالإنقاذ منها حقيقة وأما الإمتنان بالإنقاذ من الشفا قلما يستلزمه الكون على الشفا غالبا من الهوى إلى الحفرة فيكون الإنقاذ من الشفا إنقاذا من الحفرة التي يتوقع الهوى فيها فإضافة المنة إلى الإنقاذ من الحفرة أبلغ وأوقع مع أن إكتساب التأنيث من المضاف إليه قد عده أبو علي في التعاليق من ضرورة الشعر خلاف رأيه في الإيضاح و ما حمل الزمخشري على إعادة الضمير إلى الشفا إلا أنه هو الذي كانوا عليه ولم يكونوا في الحفرة حتى يمتن عليهم بالإنقاذ من الحفرة وقد علم أنهم كانوا صائرين إليها لولا الإنقاذ الرباني فبولغ في الإمتنان بذلك ألا ترى إلى قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : الراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه وإلى قوله تعالى : أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فأنهار به في نار جهنم فأنظر كيف جعل تعالى كون البنيان على الشفا سببا مؤديا إلى إنهياره في نار جهنم مع تأكيد ذلك بقوله سبحانه : هار إنتهى ومنه يعلم ما في قول أبي حيان من أنه لا يحسن عوده إلا إلى الشفا لأن كينونتهم عليه هو أحد جزأى الإسناد فالضمير لا يعود إلا إليه لا على الحفرة لأنها غير محدث عنها ولا على النار لأنه إنما جيء بها لتخصيص الحفرة .
وأيضا فالإنقاذ من الشفا أبلغ من الإنقاذ من الحفرة ومن التار والإنقاذ منهما لا يستلزم الإنقاذ من الشفا فعوده على الشفا هو الظاهر من حيث اللفظ ومن حيث المعنى نعم ما ذكره من أن عوده على الشفا هو الظاهر من حيث اللفظ ظاهر بناءا على أن الأصل أن يعود الضمير على المضاف دون المضاف إليه إذا صلح لكل منهما ولو بتأويل إلا أنه قد يترك ذلك فيعود على المضاف إليه إما مطلقا كما هو قول إبن المنيرأو بشرط كون بعضه أو كبعضه كقول جرير .
أرى مر السنين أخذن مني .
فإن مر السنين من جنسها وإليه ذهب الواحدي والشرط موجود فيما نحن فيه كذلك أي مثل ذلك التبيين الواضح يبين الله لكم آياته أي دلائله فيما أمركم به ونهاكم عنه لعلكم تهتدون 301 أي لكي تدوموا على الهدى وإزديادكم فيه كما يشعر به كون الخطاب للمؤمنين أو صيغة المضارع من الإفتعال ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير أمرهم سبحانه بتكميل الغير إثر أمرهم بتكميل النفس ليكونوا هادين مهديين على ضد أعدائهم فإن ما قص الله تعالى من حالهم فيما سبق بدل على أنهم ضالون مضلون والجمهور على إسكان لام الأمر وقريء بكسرها على الأصل وتكن إما من كان التامة فتكون أمة فاعلا وجملة يدعون صفته و منكم متعلقبتكنأو بمحذوف على أن يكون صفةلأمةقدم