عليها فصار حالا وإما من كان الناقصة فتكون أمة أسمها ويدعون خبرها و منكم إما حال من أمة أو متعلق بكان الناقصة والأمة الجماعة التي تؤم أي قصد لأمر ما وتطلق على أتباع الأنبياء لإجتماعهم على مقصد واحد وعلى القدوة ومنه إن إبراهيم كان أمة وعلى الدين والملة ومنه إنا وجدنا آباءنا على أمة وعلى الزمان ومنه وأدكر بعد أمة إلى غير ذلك من معانيها والمراد من الدعاء إلى الخير الدعاء إلى ما فيه صلاح ديني أو دنيوي فعطف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليه في قوله سبحانه : ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر من باب عطف الخاص على العام إيذانا بمزيد فضلهما على سائر الخيرات كذا قيل قال إبن المنير : إن هذا ليس من تلك الباب لأنه ذكر بعد العام جميع ما يتناوله إذ الخير المدعو إليه إما فعل مأمور أو ترك منهي لا يعدو واحدا من هذين حتى يكون تخصيصهما بتميزهما عن بقية المتناولات فالأولى أن يقال فائدة هذا التخصيص ذكر الدعاء إلى الخير عاما ثم مفصلا وفي تثنية الذكر على وجهين ما لا يخفى من العناية إلا أن ثبت عرف يخص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ببعض أنواع الخير وحينئذ يتم ما ذكر وما أرى هذا العرف ثابتا إنتهى وله وجه وجيه لأن الدعاء إلى الخير لو فسر بما يشمل أمور الدنيا وإن لم يتعلق بها أمر أو نهي كان أعم من فرض الكفاية ولا يخفى ما فيه على أنه قد أخرج إبن مردويه عن الباقر رضي الله تعالى عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ثم قال : الخير إتباع القرآن وسنتي وهذا يدل أن الدعاء إلى الخير لا يشمل الدعاء إلى أمور الدنيا .
ومن الناس من فسر الخير بمعروف خاص وهو الإيمان بالله تعالى وجعل المعروف في الآية ما عداه من الطاعات فحينئذ لا يتأتى ما قاله إبن المنير أيضا ويؤيده ما أخرجه إبن أبي حاتم عن مقاتل أن الخير الإسلام والمعروف طاعة الله والمنكر معصيته وحذف المفعول الصريح من الأفعال الثلاثة إما للأعلام بظهوره أي يدعون الناس ولو غير مكلفين ويأمرونهم وينهونهم وإما للقصد إلى إيجاد نفس الفعل على حد فلان يعطي أي يفعلون الدعاء والأمر والنهي ويوقعونها والخطاب قيل متوجه إلى من توجه الخطاب الأول إليه في رأي وهم الأوس والخزرج وأخرج إبن المنذر عن الضحاك أنه متوجه إلى أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خاصة وهم الرواة والأكثرون على جعله عاما ويدخل فيه من ذكر دخولا اوليا و من هنا قيل : للتبعيض وقيل : للتبيين وهي تجريدية كما يقال لفلان من أولاده جند وللأمير من غلمانه عسكر يراد بذلك جميع الأولاد والغلمان .
ومنشأ الخلاف في ذلك أن العلماء أتفقوا على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفايات ولم يخالف في ذلك إلا النزر ومنهم الشيخ أبو جعفر من الإمامية قالوا : إنها من فروض الأعيان وأختلفوا في أن الواجب على الكفاية هل هو واجب على جميع المكلفين ويسقط عنهم بفعل بعضهم أو هو واجب على البعض ذهب الإمام الرازي وأتباعه إلى الثاني للإكتفاء بحصوله من البعض ولو وجب على الكل لم يكتف بفعل البعض إذ يستبعد سقوط الواجب على المكلف بفعل غيره وذهب إلى الأول الجمهور وهو ظاهر نص الإمام الشافعي في الأم وأستدلوا على ذلك بأثم الجميع بتركه ولو لم يكن واجبا عليهم كلهم لما أثموا بالترك .
وأجاب الأولون عن هذا بأن إثمهم بالترك لتفويتهم ما قصد حصوله من جهتهم في الجملة لا للوجوب عليهم وأعترض عليه من طرف الجمهور بأن هذا هو الحقيق بالإستبعاد أعني إثم طائفة بترك أخرى فعلا كلفت به