أنه طاعة الله عزوجل وعن إبن زيد أنه الإسلام وعن قتادة أنه عهد الله تعالى وأمره وكلها متقاربة .
وفي الكلام إستعارة تمثيلية بأن شبهت الحالة الحاصلة للمؤمنين من إستظهارهم بأحد ما ذكر ووثوقهم بحمايته بالحالة الحاصلة من تمسك المتدلي من مكان رفيع بحبل وثيق مأمون الإنقطاع من غير إعتبار مجاز في المفردات وأستعير ما يستعمل في المشبه به من الألفاظ للمشبه وقد يكون في الكلام إستعارتان مترادفتان بأن يستعار الحبل للعهد مثلا إستعارة مصرحة أصلية والقرينة الإضافة ويستعار الإعتصام للوثوق بالعهد والتمسك به على طريق الإستعارة المصرحة التبعية والقرينة إقترانها بالإستعارة الثانية وقد يكون في أعتصموا مجاز مرسل تبعي بعلاقة الإطلاق والتقييد وقد يكون مجازا بمرتبتين لأجل إرسال المجاز وقد تكون الإستعارة في الحبل فقط ويكون الإعتصام باقيا على معناه ترشيحا لها على أتم وجه والقرينة قد تختلف بالتصرف فبإعتبار قد تكون مانعة وبإعتبار آخر قد لا تكون فلا يرد أن إحتمال المجازية يتوقف على قرينة مانعة عن إرادة الموضع له فمع وجودها كيف يتأتى إرادة الحقيقة ليصح إلا ران في أعتصموا وقد تكون الإستعارتان غير مستقلتين بأن تكون الإستعارة في الحبل مكنية وفي الإعتصام تخييلية لأن المكنية مستلزمة للتخييلية قاله الطيبي ولا يخفى أنه أبعد من العيوق .
وقد ذكرنا في حواشينا على رسالة إبن عصام ما يرد على بعض هذه الوجوه مع الجواب عن ذلك فأرجع إليه إن أردته جميعا حال من فاعل أعتصموا كما هو الظاهر المتبادر أي مجتمعين عليه فيكون قوله تعالى : ولا تفرقوا تأكيدا بناءا على أن المعنى ولا تتفرقوا عن الحق الذي أمرتم بالإعتصام به وقيل : المعنى لا يقع بينكم شقاق وحروب كما هو مراد المذكرين لكم بأيام الجاهلية الماكرين بكم وقيل : المعنى لا تتفرقوا عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وروى ذلك عن الحسن وأذكروا نعمت الله عليكم أي جنسها ومن ذلك الهداية والتوفيق للإسلام المؤدي إلى التآلف وزوال الأضغان و يحتمل أن يكون المراد بها ما بينه سبحانه بقوله : إذ كنتم أعداء أي في الجاهلية فألإف بين قلوبكم بالإسلام و نعمة مصدر مضاف إلى الفاعل و لكم إما متعلق به أو حال منه و إذ إما ظرف للنعمة أو للإستقرار في عليكم إذا جعلته حالا قيل : وأراد سبحانه بما ذكر ما كان بين الأوس والخزرج من الحروب التي تطاولت مائة وعشرين سنة إلى أن ألف سبحانه بينهم بالإسلام فزالت الأحقادقاله إبن إسحاقوكان يوم بعاث آخر الحروب التي جرت بينهم وقد فصل ذلك في الكامل وقيل : أراد ما كان بين مشركي العرب من التنازع الطويل والقتال العريض ومنه حرب البسوس ونقل ذلك عن الحسن رضي الله تعالى عنه فأصبحتم بنعمته إخوانا أي فصرتم بسبب نعمته التي هي ذلك التأليف متحابينفأصبحناقصة و إخوانا خبره وقيل : أصبحتم أي دخلتم في الصباح فالباء حينئذ متعلقة بمحذوف وقع حالا من الفاعل وكذا إخوانا أي فأصبحتم متلبسين بنعمته حال كونكم إخوانا والإخوان جمع أخ وأكثر ما يجمع أخو الصداقة على ذلك على الصحيح وفي الإتقان الأخ في النسب جمعه إخوة وفي الصداقة إخوان قاله إبن فارسوخالفه غيرهوأورد في الصداقة إنما المؤمنون إخوة وفي النسب أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بيوت إخوانكم وكنتم على شفا حفرة من النار