ثابتا وواجبا على حد ضربت زيد شديد الضرب تريد الضرب الشديد فيكون قوله تعالى : فأتقوا الله ما أستطعتم بيانا لقوله تعالى : أتقوا الله حق تقاته وأدعى أبو علي الجبائي أن القول بالنسخ باطل لما يلزم عليه من إباحة بعض المعاصي وتعقبه الرماني بأنه إذا وجه قوله تعالى : أتقوا الله حق تقاته على أن يقوموا بالحق في الخوف والأمن لم يدخل عليه ما ذكره لأنه لا يمتنع أن يكون أوجب عليهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى على كل حال ثم اباح ترك الواجب عند الخوف على النفس كما قال سبحانه : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان وأنت تعلم أن ما ذكره الجبائي إنما يخطر بالبال حتى يجاب عنه إذا فسر حق تقاته على تقدير النسخ بما فسره هو به من ترك جميع المعاصي ونحوه وإن لم يفسر بذلك بل فسر بما جنح إليه القائل بالنسخ فلا يكاد يخطر ما ذكره ببال ليحتاج إلى الجواب نعم يكون القول بإنكار النسخ حينئذ مبنيا على ما ذهب إليه المعتزلة من إمتناع التكليف بما لا يطاق إبتداءا كما لا يخفى وأصل تقاة وقية قلبت واوها المضمومة تاءا كما في تهمة وتخمة وياؤها المفتوحة ألفا وأجاز فيها الزجاج ثلاثة أوجه : تقاة ووقاة وإقاة ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون 201 أي مخلصون نفوسكم لله عزوجل لا تجعلون فيها شركة لسواه اصلا وذكر بعض المحققين أن الإسلام في مثل هذا الموضع لا يراد به الأعمال بل الإيمان القلبي لأن الأعمال حال الموت مما لا تكاد تتأتى ولذا ورد في دعاء صلاة الجنازة اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن أمته منا فأمته على الإيمان فأخذ الإسلام أولا والإيمان ثانيا لما أن لكل مقام مقالا والإستثناء من أعم الأحوال أي لا تموتن على حال من الأحوال إلا على حال تحقق إسلامكم وثباتكم عليه كما تفيده الجملة الأسمية ولو قيل : إلا مسلمين لم يقع هذا الموقع والعامل في الحال ما قبل إلا بعد النقض والمقصود النهي عن الكون على حال غير حال الإسلام عند الموت ويؤل إلى إيجاب الثبات على الإسلام إلى الموت إلا أنه وجه النهي إلى الموت للمبالغة في النهي عن قيده المذكور وليس المقصود النهي عنه أصلا لأنه ليس بمقدور لهم حتى ينهوا عنه وفي التحبير للإمام السيوطي : ومن عجيب ما أشتهر في تفسير مسلمون قول العوام : أي متزوجون وهو قول لا يعرف له أصل ولا يجوز الإقدام على تفسير كلام الله تعالى بمجرد ما يحدث في النفس أو يسمع ممن لا عهدة عليه إنتهى وقرأ أبو عبدالله رضي الله تعالى عنه مسلمون بالتشديد ومعناه مستسلمون لما أتى به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم منقادون له وفي هذه الآية تأكيد للنهي عن إطاعة أهل الكتاب وأعتصموا بحبل الله أي القرآن وروى ذلك بسند صحيح عن إبن مسعود .
وأخرج غير واحد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض .
وأخرج أحمد عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله عزوجل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض وورد بمعنى ذلك أخبار كثيرة وقيل : المراد بحبل الله الطاعة والجماعة وروى ذلك عن إبن مسعود أيضا .
أخرج إبن أبي حاتم من طريق الشعبي عن ثابت بن قطنة المزني قال : سمعت إبن مسعود يخطب وهو يقول : أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنهما حبل الله تعالى الذي أمر به و في رواية عنه حبل الله تعالى الجماعة وروى ذلك أيضا عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما وأبي العالية أنه الإخلاص لله تعالى وحده وعن الحسن