المعطوف بما قيد به المعطوف عليه ولو قصد ذلك لأخر وقيل : يمنع من ذلك العطف أنهم ليسوا جامعين بين الشهادة والكفر وأجيب بالمنع بل هم جامعون وإن لم يكن ذلك معا ومن الناس من جعله معطوفا على كفروا ولم يتكلف شيئا مما ذكر وزعم أن ذلك في المنافقين وهو خلاف المنقول والمعقول والاكثرون من المحققين على اختيار الحالية من الضمير في كفروا وقد معه مقدرة ولا يجوز أن يكون العامل يهدي لانه يهدي من شهد أن الرسول حق وعليه وعلى تقدير العطف على الايمان استدل على أن الإقرار باللسان خارج عن حقيقة الإيمان ووجه ذلك أن العطف يقتضي بظاهره المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه وأن الحالية تقتضي التقييد ولو كان الاقرار داخلا في حقيقة الايمان ذكره عن الفائدة ولو كان عينه يلزم تقييد الشئ بنفسه ولا يخفى ما فيه وادعى بعضهم أن المراد من الإيمان الإيمان بالله ومن الشهادة المذكورة الإيمان برسوله صلى الله تعالى عليه وسلم والامر حينئذ واضح فتدبر والله لا يهدي القوم الظلمين .
68 .
- أي الكافرين الذين ظلموا أنفسهم بالاخلال بالنظر ووضع الكفر موضع الإيمان فكيف من جاءه الحق وعرفه ثم اعرض عنه ويجوز حمل الظلم على مطلقه فيدخل فيه الكفر دخولا أوليا والجملة اعتراضية أو حالية أولئك أي المذكورون المتصفون بأشنع الصفات وهو مبتدأ وقوله سبحانه : جزآؤهم أي جزاء فعلهم مبتدأ ثان وقوله عن شأنه : أن عليهم لعنة الله والملئكة والناس أجمعين خبر المبتدأ الثاني وهو وخبره خبر المبتدأ الأول قيل : وهذا بمنطوقه على جواز لعنهم ومفهومه ينفي جواز لعن غيرهم ولعل الفرق بينهم وبين غيرهم حتى خص اللعن بهم أنهم مطبوع على قلوبهم ممنوعون بسبب خباثة ذواتهم وقبح استعدادهم من الهدى آيسون من رحمة الله تعالى بخلاف غيرهم والخلاف في لعن أقوام بأعيانهم ممن ورد لعن أنواعهم كشارب خمر معين مثلا مشهور والنووي على جوازه استدلالا بما ورد انه صلى الله تعالى عليه وسلم مر بحمار وسم في وجهه فقال : لعن الله تعالى من فعل هذا وبما صح أن الملائكة تلعن من خرجت من بيتها بغير إذن زوجها وأجيب بأن اللعن هناك للجنس الداخل فيه الشخص أيضا واعترض بأنه خلاف الظاهر كتأويل إن وراكبها بذلك والاحتياط لا يخفى والمراد من الناس إما المومنون لانهم هم الذين يلعنون الكفرة أو المطلق لان كل واحد يلعن من لم يتبع الحق وإن لم يكن غير متبع بناءا على زعمه خلدين فيها حال من الضمير في عليهم والعامل فيه الاستقرار والضمير المجرور اللعنة أو للعقوبة أو للنار وإن لم يجر لها ذكر اكتفاءا بدلالة اللعنة عليها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون .
88 .
- أي لا يمهلون ولا يؤخر عنهم العذاب من وقت إلى وقت آخر أو لا ينظر اليهم ولا يعتد بهم والجملة إما مستأنفة أو في محل نصب على الحال .
إلا الذين تابوا من بعد ذلك أي الكفر الذي ارتكبوه بعد الايمان وأصلحوا أي دخلوا في الصلاح بناءا على أن الفعل لازم من قبيل أصبحوا أي دخلوا في الصباح ويجوز أن يكون متعديا والمفعول محذوف أي أصلحوا اما افسدوا ففه إشارة كما قيل : إلى أن مجرد الندم على ما مضى من الارتداد والعزم على تركه في الاستقبال غير كاف لما أخلوا به من الحقوق واعترض بأن مجرد التوبة يوجب تخفيف العذاب ونظر الحق اليهم فالظاهر أنه ليس تقييدا بل بيان لأن يصلح ما فسد وأجيب بأنه ليس بوارد لان مجرد الندم والعزم