في الحقيقة وهذا معنى ومكر الله عند بعض والأولى القول باختلاف المكرين على ما يقتضيه مقام الفرق وقد سئل بعضهم كيف يمكر الله فصاح وقال : لا علة لصنعه وأنشأ يقول : فديتك قد جبلت على هواكا ونفسي لا تنازعني سواكا أحبك لا ببعضي بل بكلي وإن لم يبق حبك لي حراكا ويقبح من سواك الفعل عندي وتفعله فيحسن منك ذاكا إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك عن رسم الحدوثية ورافعك إلى بنعت الربوبية ومطهرك من الذين كفروا بشغل سرك عن مطالعة الاغيار أو متوفيك عنك وقابضك منك ورافعك عن نعوت البشرية ومطهرك من إرادتك بالكلية وقيل : إن عيسى E لما أحس منهم الكفر وعلم أنهم بعثوا من يقتله قال للحواريين : إني ذاهب إلى أبي وأبيكم السماوي أي متصل بروح القدس ومتطهر من علاقة عالم الرجس فأمدكم بالفيض كي تستجاب دعوتكم الخلق بعدي فشبه للقوم صورة جسدانية هي مظهر عيسى روح الله تعالى بصورة حقيقة عيسى فظنوها هو فصلبوها ولم يعلموا أن الله تعالى رفعه إلى السماء الرابعة التي هي فلم الشمس وحكمة رفعه إلى ذلك أن روحانيته عبارة عن إسرافيل E ويشاركه المسيح في سر النفخ .
ومن قال : إنه رفع إلى السماء الدنيا بين الحكمة بأن إفاضة روحه كانت بواسطة جبريل E وهو عبارة عن روحانية فلم القمر وبأن القمر في السماء الدنيا وهو آية ليلية تناسب علم الباطن الذي أوتيه المسيح عليه السلام ولم يعتبر الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم القول : بأنه يدور حول العرش لان ذلك مقام النهاية في الكمال ولهذا لم يعرج اليه سوى صاحب المقام المحمود صلى الله تعالى عليه وسلم الجامع بين الظاهر والباطن إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم في أن كلا منهما خارق للعادة خارج عن دائرتها وإن افترقا في أن عيسى E بلا ذكر بل من نطفة أنثى فقط كان في بعضها قوة العقد وفي البعض الآخر قوة الانعقاد كسائر النطف المركبة من منيين في أحدهما القوة العاقدة وفي الاخرى المنعقد وأن آدم E بلا ذكر ولا أنثى من تراب أي صور قالبه من ذلك ثم قال له كن فيكون إشارة إلى نفخ الروح فيه وكونه من عالم الامر نظرا إلى روحه المقدسة التي لم ترتكض في رحم فمن حاجك فيه أي الحق أو في عيسى عليه السلام بالحجج الباطلة فقل تعالوا الخ أي فادعه إلى المباهلة بالهيئة المذكورة .
قال بعض العارفين : إعلم أن لمباهلة الانبياء عليهم السلام تأثيرا عظيما سببه اتصال نفوسهم بروح القدس وتأييد الله تعالى إياهم به وهو المؤثر باذن الله تعالى في العالم العنصري فيكون انفعال العالم العنصري منه كانفعال أبداننا من روحنا بالعوارض الواردة عليه كالغضب والخوف والفكر في أحوال المعشوق وغير ذلك وانفعال النفوس البشرية منه كانفعال حواسنا وسائر قوانا من عوارض أرواحنا فاذا اتصل نفس قدسي به أو ببعض أرواح الاحرام السماوية والنفوس الملكوتية كان تأثيرها في العالم عند اتلتوجه الاتصالي تأثير ما يتصل به فينفعل أجرام العناصر والنفوس الناقصة الانسانية منه بما اراد حسب ذلك الاتصال ولذا انفعلت نفوس النصارى من نفسه E بالخوف وأحجمت عن المباهلة وطلبت الموادعة بقبول الجزية انتهى .
وادعى بعضهم أن لكل نفس تأثيرا لكنه يختلف حسب اختةف مراتب النفوس وتفاوت مراتب التوجيهات إلى عام التجرد وفيه كلام طويل ولعل النوبة تفضي إلى تحقيقه هذا وتطبيق ما في الآفاق على