خرج فلان يقص أثر فلان أي ينتبعه ليعرف أين ذهب ومنه قوله تعالى : وقالت لأخته قصية أي تتبعي أثره وكذلك القاص في الكلام لانه يتتبع خبرا بعد خبر أو يتتبع المعني ليوردها وهو هنا فعل بمعنى مفعول أي المقصوص الحق وقرئ لهو بسكون الواو وما من إله إلا الله رد النصارى في تثليثهم وكذا فيه رد على سائر الثنوية و من زائدة للتأكيد كما هو شأن الصلاةت وقد فهم أهل اللسان كما قال الشهاب أنها لتأكيد الاستغراق المغهوم من النكرة المنفية لاختصاصها بذلك في الاكثر وقد توقف محب الدين في وجه إفادة الكلمات المزيدة للتأكيد بأي طريق هي فانها ليست وضعية وأجاب بأنها ذوقية يعرفها أهل اللسان واعترض بأن هذا حوالة هلى مجهول فلا تفيد فالأولى أن يقال : إنها وضعية لكنه من باب الوضع النوعي فتدير وإن الله لهو العزيز أي الغالب غلبة تامة أو القادر كذلك أو الذي لا نظير له الحكيم .
26 .
- أي المتقن فيما صنع أو المحيط بالمعلومات والجملة تذييل لما قبلها والمقصود منها أيضا قصر الالهية عليه تعالى ردا على النصارى أي قصر إفراد فالفصل والتعريف هنا كالفصل والتعريف هناك فما قيل : إنهما ليسا للحصر إذ الغالب على الأغيار لا يكون إلا واحدا فيلغو القصر فيه إلا أن يجعل قصر قلب والمقام لا يلائمه مما لا عصام له كما لا يخفى فإن تولوا أي أعرضوا عن اتباعك وتصديقك بعد هذه الآيات البينات وهذا على تقدير أن يكون الفعل ماضيا ويحتمل أن يكون مضارعا وحذفت منه أحدى التاءين تخفيفا وأصله تتولوا فإن الله عليم بالمفسدين .
36 .
- أي بهم أو بكم والجملة جواب الشرط في الظاهر لكن المعنى على ما يترتب على علمه بالمفسدين من معاقبته لهم فالكلام للوعيد ووضع الظاهر موضع الضمير تنبيها على العلة المقتضية للجزاء والعقاب وهي الافساد وقيل المعنى على أن الله عليم بهؤلاء المجادلين بغير حق وبأنهم لا يقدمون على مباهلتك لمعرفتهم نبوتك وثبوت رسالتك والجملة على هذا أيضا عند التحقيق قائمة مقام الجواب إلا أنه ليس الجزاء والعقاب والكلام منساق لتسليته صلى الله تعالى عليه وسلم ولا يخفى ما فيه .
ومن باب الاشارة في الآيات فلما أحس أي شاهد عيسى بواسطة النور الالهي المشرق عليه منهم الكفر أي ظلمته أو نفسه فان المعاني تظهر للكمل على صور مختلفة باختلافها فيرونها .
وحكى عن الباز قدس سره أنه قال : إن الليل والنهار يأتياني فيخبراني بما يحدث فيهما وعن بعض العارفين أنه يشاهد أعمال العباد كيف تصعد إلى السماء ويرى البلاء النازل منها قال من أنصاري في حال دعوتي إلى الله سبحانه بأن يلتفت إلى الاشتغال بتكميل نفسه وتهذيب أخلاقها حتى يصلح لتربية الناقصين فينصرني ويعينني في تكميل الناقص وإرشاد الضال قال الحواريون المبيضون ثياب وجودهم بمياه العبادة ومطرقة المجاهدة وشمس المراقبة نحن أنصار الله أي أعوان الفانين فيه الباقين به ومنهم عيسى عليع السلام آمنا بالله الايمان الكامل فاشهد بأنا مسلمون أي مقادون لأمرك حيث أنه أمر الله سبحانه ربنا آمنا بما أنزلت وهو ما نورت به قلوب أصفيائك من علوم غيبك واتبعنا الرسول فيما أظهر من أوامرك ونواهيك رجاء أن يوصلنا ذلك إلى محبتك فاكتبنا مع الشاهدين أي مع من يشهدك ولا يشهد معك سواك أو الحاضرين لك المراقبين لامرك ومكروا أي الذين أحس منهم الكفر واحتالوا مع أهل الله بتدبير النفس فكان مكرهم مكر الحق عليهم لانه المزين ذلك لهم كما قال سبحانه : وكذلك زينا لكل أمة عملهم فهو الماكر