أنه خبر لمقدر أي هي أنى الخ وقرأ نافع إني بكسر الهمزة على الاستئناف والمراد بالخلق التصويلا والإبراز على مقدار معين لا اليجاد من العدم كما يشير اليه ذكر المادة والهيئة مصدر بمعنى المهيأ كالخلق بمعنى المخلوق وقيل : إنها اسم الحال الشئ وليست مصدرا وإنما المصدر الهئ والتهيؤ فهي على الأول جوخر وعلى الثاني عرض وفسروها بالكيفية الحاصلة : من إحاطة الحد الواحد او الحدود بالجسم والمعنى أني أقدر لاجل تحصيل إيمانكم ودفع تكذيبكم إياي من الطين شيئا مثل الطير المهيأ أو هيئة كائنة كهيئة والكاف إنا اسم كما ذهب اليه أبو الحسن في موضع نصب على المفعولية لأخلق أو نعت لمفعول محذوف له وإما حرف كما ذهب اليه الجمهور فتتعلق بمحذوف وقع نعتا ايضا لما وقع هو نعتا له على تقدير الاسمية وقرأ يزيد وحمزة كهيئة بتشديد الياء وكان ابن القاسم يقول : بلغني أن خلفا يقول : إن حمزة يترك الهمزة ويحرك الياء بحركتها وقرأ أهل المدينة ويعقوب الطائر ومثله في المائدة فأنفخ فيه الضمير للهيئة المقدرة في نظم الكلام لكن بمعنى الشئ المهيأ لا بمعنى العرض القائم به إذ لا يصح أن يكون ذلك محلا للنفخ وذكر الضمير هنا مراعاة للمعنى كما أنث في المائدة مراعاة للفظ قيل : وصح هذا لعدم الإلباس ووقع في كلام غير واحد كون الضمير للكاف بناءا على أنها اسم ويعود ذلك في الحقيقة إلى عود الضمير إلى الموصوف بها واعترضه ابن هشام بأنه لو كان كما زعموا لسمع في الكلام مررت بكالاسد وبعضهم بأن عود الضمير إليها غير معهود وقرئ فيها فيكون طيرا حيا طيارا كسائر الطيور .
وقرأ المفضل فتكون بتاء التانيث ويعقوب وأبو جعفر ونافع طائرا بإذن الله متعلق بيكون أو بطيرا والمراد بأمر الله واشار بذلك إلى أن إحياءه من الله تعالى ولكن بسبب النفخ وليس ذلك لخصوصية في عيسى عليه السلام وهي تكونه من نفخ جبريل عليه السلام وهو روح محض كما قيل : بل لو شاء الله تعالى الإحياء بنفخ أي شخص كان لكان من غير تخلف ولا استعصاء قيل : وفي هذه المعجزة مناسبة لخلقه من غير أب واختلف هل كان ذلك بطلب واقتراح أم لا فذهب المعظم إلى الاول قالوا : إن يني إسرائيل طلبوا منه على سبيل التعنت جريا على عادتهم مع أنبيائهم أن يخلق لهم خفاشا فلما فعل قالوا : ساحر وإنما طلبوا هذا النوع دون غيره لانه أكمل الطير خلقا وأبلغ دلالة على القدرة لأن له نابا واسنانا ويحيض ويلد ويطير بغير ريش وله آذان وثدي وضرع ويخرج منه اللبن ويرى ضاحكا كما يضحك الانسان ولا يبصر في ضوء النهار ولا في ظلمة الليل وإنما يرى في ساعنين بعد غروب الشمس ساعة وبعدطلوع الفجر ساعة قبل أن يسفر جدا والمشهور أنه لم يخلق غير الخفاش وأخرجه أبو الشيخ عن ابن عباس قال وهب : كان يطير ما دام الناس ينظرون اليه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميز عن خلق الله تعالى بلا واسطة وقيل : خلق أنواعا من الطير .
وذهب بعضهم إلى الثاني فقد أخرج ابن جرير عن ابن إسحق ان عيسى عليع السلام جلس يوما مع غلمان من الكتاب فأخذ طينا ثم قال : أجعل لكم من هذا الطين طائرا قالوا : أو تستطيع ذلك قال : نعم بإذن ربي ثم هيأة حتى ذا جعله في هيئة الطائر نفخ فيه ثم قال : كم طائرا باذن الله تعالى فخرج يطير من بين كفيه وخرج الغلمان يذلك من أمره فذكروه لمعلمهم وأفشوه في الناس وأبريء الأكمة عطف على أخلق فهو