النطق فلا يضر كونها في حكم الغيبة مع كون هدا في حكم التكلم إذ يكون المعنى حال كونه وجيها ورسولا ناطقا بكذا والرسول على سائر التقادير صفة كشكور وصبور وفعول هنا بمعنى مفعل واحتمال ان يكون مصدرا كما قال أبو البقاء مثله في قوله الشاعر : أبلغ أبا سلمى رسولا تروعه ويجعل معطوفا على الكتاب أي ويعلمه سالة بعيد لفظا ومعنى أما الاول فلأن المتبادر الوصفية لا المصدرية واما ثانيا فلأن تعليم الرسالة مما لا يكاد يوجد في كلامهم والظرف إما متعلق برسولا أو بمحذوف وقع صفة له أي رسولا كائنا إلى بني إسرائيل أي كلهم قيل : وتخصيصهم بالذكر للايذان بخصوص بعثته أو للرد على من زعم من اليهود أنه مبعوث إلى غيرهم .
ولي في نسبة هذا الزعم لبعض اليهود تردد وليس ذلك في الكتب المشهورة والذي رأيناه فيها أنهم في عيسى الذي قص الله تعالى علينا من امره ما قص فرقتان : فرقة ترميه وحاشاه بأفظع ما رمت به أمه نبيها وهم أكثر اليهود وفرقة يقال لهم العنانية أصحاب عنان بن داود رأس الجالوت يصدقونه في مواعظه وإشاراته ويقولون : إنه لم يخالف التوراة ألبتة بل قررها ودعا الناس اليها وإنه من المستجيبين لموسى عليه السلام ومن بني إسرائيل المتعبدين وليس برسول ولا نبي ويقولون : إن سائر اليهود ظلموه حيث كذبوه أولا ولم يعرفوا مدعاه وقتلوه آهرا ولم يعرفوا مرامه مغزاه نعم من اليهود فرقة يقال لهم العيسوية أصحاب ابي عيسى إسحق بن يعقوب الاصفهاني الذي يسميه بعضهم بعرقيد الوهيم يزعمون : إن الله تعالى رسولا بعد موسى عليه السلام يسمى المسيح إلا أنه لم يأت بعد ويدعون أن له خمسة من الرسل ياتون قبله واحدا بعد واحد وأن صاحبهم هذا أحد رسله وكل الأقوال بعيد عما ادعاه صاحب القيل بمراحل ولعله وجد ما يوافق دعواه ومن حفظ حجة على من لم يحفظ .
هذا واختلف في زمن رسالته عليه السلام فقيل : في الصبا وهو ابن ثلاث سنين وفي البحر : أن الوحي أتناه بعد البلوغ وهو ابن ثلاثين سنة فكانت نبوته ثلاث سنين قيل : ثلاثة اشهر وثلاثة أيام ثم رفع إلى السماء وهو القول المشهور وفيه أن أول أنبياء بني إسرائيل يوسف وقيل : موسى وآخرهم عيسى على سائرهم أفضل الصلاة واكمل السلام وقرأ اليزيدي ورسولا بالجر على أنه معطوف على كلمة أي يبشرك بكلمة وبرسول أني قد جئتكم معمول لرسولا لما فيه معنى النطق ووز أبو البقاء كونه معمولا لمحذوف وقع صفة لرسول أي رسولا ناطقا أو مخبرا بأني وكونه بدلا من رسولا إذا جعلته مصدرا أي ونعلمه انى قد جئتكم أو خبرا محذوف على تقدير المصدرية أيضا اي هو أنى فالمنسبك إما في محل جر او نصب أو رفع وقوله تعالى : بإاية في موضع الحال أي محتجا أو متلبسا بآية او متعلق بجئتكم والباء للملابسة أو للتعدية والتنوين للتفخيم دون الوحدة لظهور ما ينافيها وقرئ بآيات من ربكم متعلق بمحذوف وقع صفة لآية وجوز تعليقه بجئت و من في التقديرين لابتداء الغاية مجازا والتعرض لعنوان الربوبية مع الاضافة إلى ضمير المخاطبين لتأكيد إيجاب الامتثال لما سيأتي من الاوامر أو لأن وصف الربوبية يناسب حال الإرسال اليهم وقوله تعالى : أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير بدل من قوله سبحانه : أني قى جئتكم أو من آية أو منصوب على المفعولية لمحذوف أي أعني أو مرفوع على