ذرئ منه الولد ذرئ من الأب إلا أن المتبادر من الذرية النسل وقد تقدم الكلام عليه .
والمعنى أنهم ذرية واحدة متشعبة البعض من البعض فى النسب كما ينبئ عنه التعرض لكونهم ذرية وروى عن أبى عبدالله رضى الله تعالى عنه واختاره الجبائى وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : بعضها من بعض فى النية والعمل والاخلاص والتوحيد و من على الأول ابتدائية والاستمالة تقريبية وعلى الثانى اتصاليه والاستمالة برهانية وقيل : هى اتصالية فيهما والله سميع لأقول العباد عليم .
43 .
- بأفعالهم وما تكنه صدورهم فيصطفى من يشاء منهم والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبلها إذ قالت امرأت عمرن تقرير للاصطفاء وبيان لكيفية والظرف فى حيز النصب على المفعولية بفعل محذوف أى اذكر لهم وقت قولها وقيل : هو منصوب على الظرفية لما قبله وهو سميع عليم على سبيل التنازع أو السميع ولا يضر الفصل بينهما بالاجنبى لتوسعهم فى الظروف وقيل : هو ظرف لمعنى الاصطفاء المدلول عليه باصطفى المذكور كأنه قيل : واصطفى آل عمران إذ قالت الخ فكان من عطف الجمل على الجمل لا المفردات على المفردات ليلزم كون اصطفاء الكل فى ذلك الوقت و امرأة عمران هى حنة بنت فاقوذا كما رواه إسحق ابن بشر عن ابن عاس رضى الله تعالى عنه والحاكم عن أبى هريرة م وهى جدة عيسى E وكان لها أخت اسمها إيشاع تزوجها زكريا E هى أم يحيى فعيسى ابن بنت خالة يحيى كما ذكر ذلك غير واحد من الاخباريين ويشكل عليه ما أخرجه الشيخان فى حديث المعراج من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : فإذا أنا بانبى الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا وأجاب صاحب التقريب بأن الحديث مخرج على المجاز فإنه كثيرا ما يطلق الرجل اسم الخالة على بنت خالته لكرامتها عليه والغرض أن بينهما عليهما الصلاة والسلام هذه الجهة من القرابة وهى جهة الخوؤلة وقيل : كانت إيشاع أخت حنة من الام وأخت مريم من الاب على أن عمران نكح أولا ام حنة فولدت له إيشاع ثم نكح حنة بناءا على حل نكاح الربائب فى شريعتهم فولدت مريم فكانت إيشاع أخت مريم من الأب وخالتها من الأم لأنها أخت حنة من الأم وفيه أنه مخالف لما ذكره يحيى السنة من أن إيشاع وحنة بنتا فاقوذا على أنه بعيد لعدم الرواية فى الامرين .
أخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن حنة امرأة عمران كانت حبست عن الولد والمحيض فبينا هى ذات يوم فى ظل شجرة إذ نظرت إلى طير يزق فرخا له فتحركت نفسها للولد فدعت الله تعالى أن يهب لها ذكرا فحاضت من ساعتها فلما طهرت أتاها زوجها فلما أيقنت بالولد قالت : لئن نجانى الله تعالى ووضعت ما فى بطنى لأجعله محررا ولم يكن يحرر فى ذلك الزمان إلا الغلمان فقال لها زوجها : أرأيت إن كان ما فى بطنك أنثى والانثى عورة فكيف تصنعين فاغتمت لذلك فقالت عند ذلك : رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى وهذا فى الحقيقة استدعاء للولد الذكر لعدم قبول الانثى فيكون المعنى رب إنى نذرت لك ما في بطنى فاجعله ذكرا على حد اعتق عبدك عنى وجعله بعض الائمة تأكيدا لنذرها وإخراجا له عن صورة التعليق إلى هيئة التنجيز واللام من لك للتعليل ولمراد لخدمة بيتك والمحرر من يعمل للدنيا ولا يتزوج ويتفرغ لعمل الآخرة ويعبد الله تعالى ويكون فى خدمة الكنيسة قاله ابن عباس