ومناسبة الآية لما قبلها كما قال الطيبى : أنه سبحانه لما عظم ذاته وبين جلالة سلطانه بقوله جل وعلا : قل اللهم مالك الملك الخ تعلق قلب العبد المومن بمولى عظيم الشأن ذى الملك والملكون والجلال والجبروت ثم لما ثنى نبهى المومنين عن موالاة أعدائه وحذر عن ذلك غاية التحذير بقوله عن قائلا : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء الخ ونبه على استئصال تلك الموالاة بقوله عز شأنه : إن تخفوا ما فى صدوركم او تبدوه الآية واكد ذلك بالوعيد الشديد زاد ذلك التعلق اقصى غايته فاستأنف قوله جل جلاله : قل إن كنتم تحبون الله ليشير إلى طريق الوصول إلى هذا المولى جل وعلا فكأن قائلا يقول : بأى شئ ينال كمال المحبة وموالاة الرب فقيل : بعد قطع موالاة اعدائنا تنال تلك الدرجة بالتوجه إلى متابعة حبيبنا إذ كل طريق سوى طريقه سدود وكل عمل سوى ما أذن به مردود واختلف فى سبب نزولها فقال الحسن وابن جريج : زعم اقوام على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنهم يحبون الله تعالى فقالوا يا محمى : إنا نحب ربنا فانزل الله تعالى هذه الآية وروى الضحاك عن ابن عباس رضى الله تعالى عنه قال : وقف النبى على قريش فى المسجد الحرام وقد نصبوا اصنامهم وعلقوا عليها بيض النعام وجعلوا فى آذانها الشنوف وهم يسجدون لها فقال : يا معشر قريش لقد خالفتم ملة ابيكم إبراهيم وإسمعبل ولقد كانا على الاسلام فقالت قريش : يا محمد إنما نعبد هذه حبا لله تعالى لتقربنا إلى الله سبحانه زلفى فأنرل الله تعالى قل إن كنتم تحبون الخ وفى رواية ابى صالح إن اليهود قالوا : نحن ابناء الله وأحباؤه انزل هذه الآية فلما نزلت عرضها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على اليهود فأبوا أن يقبلوها وروى محمد بن إسحق عن محمد بن جعفر بن الزبير قال : نزلت فى نصارى نجران وذلك انهم قالوا : إنما نعظم المسيح ونعبده حبا لله تعالى وتعظيما له فأنزل الله هذه الآية ردا عليهم يروى أنها لما نزلت قال : عبدالله بن ابى إن محمدا يجعل طاعته كطاعة الله تعالى ويامرنا أن نحبه كما أحب النصارى عيسى فنزل قوله تعالى : قل اطيعوا الله والرسول أى فى جميع الاوامر والنواهى ويدخل فى ذلك الامر السابق دخولا وإيثار الاظهار على الاضمار بطريق الالتفات لتعيين حيثية الاطاعة والاشعار بعلتها وفيه إشارة إلى رد شبهة المنافق كأنه يقول : إنما اوجب الله تعالى عليكم متابعتى لا لما يبقول النصارى فى عيسى بل لكونى رسول الله فإن تولوا أى اعرضوا او تعرضوا على أن تكونإحدى التائين محذوفة فيكون حينئذ داخلا فى حيز المقول وفى ترك ذكر احتمال الاطاعة تلويح إلى أنها غير محتملة منهم فإن الله لا يحب الكفرين .
23 .
- أى لا يقربهم او لا يرضى عنهم بل يبعدهم عن جوار قدسه وحظائر عزه ويسخط عليهم يوم رضاه عن المومنين .
والمراد من الكافرين من تولى ولم يعبر بضميرهم للايذان بأن التولى عن الطاعة كفر وبان محبته D مخصوص بالمومنين لأن نفيها عن هؤلاء الكفار المستلزم لنفيها عن سائرهم لاشتراك العلة يقتضى الحصر فى ضدهم .
إن الله اصطفى ءادم ونوحا وءال إبراهيم وال عمران على العلمين .
33 .
- روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنه أن اليهود قالوا : نحن ابناء إبراهيم وإسحق ويعقوب عليهم الصلاة والسلام ونحن على دينهم فنزلت وقيل : إن نصارى نجران لما غلوا فى عيسى E وجعلوه ابن الله سبحانه واتخذوه إاها نرلت ردا عليهم وإعلاما لهم بأنه من ذرية البشر المنتقلين فى الاطوار المستحيلة على الالة وهذا وجه مناسبة الآية لما قبلها