لزومهم ومباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم فأبى اولئك النفر إلا مباطنتهم وملازمتهم فأنزل الله هذه الآية وقال الكلبى : نزلت فى المنافقين عبدالله بن ابى واصحابه كانوا يتولون اليهود والمشركين ويأتونهم بالاخبار ويرجون أن يكون لهم الظفر على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأنزل الله تعالى الآية ونهى المؤمنين عن فعلهم .
وروى الضحاك عن ابن عباس انها نرلت فى عبادة بن الصامت الانصارى وكان بدريا نقيبا وكان له حلفاء من اليهود فلما خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم الاحزاب قال عبادة : يا نبى الله إن معى خمسمائة من اليهود وقد رايت ان يخرجوا معى فاستظهر بهم على العدو فأنزل الله تعالى لا يتخذ الخ والفعل مجزوم بلا الناهية وأجاز الكسائى فيه الرفع على الخبر والمعنى على النهى ايضا وهو متعد لمفعولين وجوز أن يكون متعديا لواحد فأولياء مفعول ثان أو حال وهو جمع ولى بمعنى الموالى من الولى وهو القرب والمراد لا يراعوا أمورا كانت بينهم فى الجاهلية بل ينبغى أن يراعوا ما هم عليه الآن مما يقتضيه الاسلام من بغض وحب شرعيين يصح التكليف بهما وإنما قيدنا بذلك لما قالوا : إن المحبة لقرابة أو صداقة قديمة او جديدة خاجة عن الاختبار معفوة ساقطة عن درجة الاعتبار وحمل الموالاة على ما يعم الاستعانة بهم فى الغرو مما ذهب اليه البعض وذهبنا وعليه الجمهور أنه يجوز ويرضخ لهم لكن إنما يستعان بهم على قتال المشركين لا البغاة على ما صرحوا به وما روى عن عائشة رضى الله تعالى عنها انها قالت : خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لبدر فتبعه رجل مشرك كان ذا جراءة ونجدة ففرح اصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم حين رأوه فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : ارجع فلن استعين بمشرك فمنسوخ بأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم استعان بيهود بنى قينقاع ورضخ لهم واستعان بصفوان بن امية فى هوازن وذكر بعضهم جواز الاستعانة بشرط الحاجة والوثوق اما بدونهما فلا تجوز وعلى ذلك يحمل خبر عائشة وكذا ما رواه الضحاك عن ابن عباس فى سبب النزول وبه يحصل الجمع بين ادلة المنع وأدلة الجواز على ان بعض المحققين دكر أن الاستعانة المنهى عنها إنما هى استعانة الذليل بالعزيز وأما إذا كانت من باب استعانة العزيز بالذليل فقد أذن لنا بها ومن ذلك اتخاذ الكفار عبيدا وخدما ونكاح الكتابيات منهم وهو كلام حسن كما لا يخفى .
ومن الناس من استدل بالآية على أنه لا يجوز حعلهم عمالا ولا استخدامهم فى أمور الديوان وغيره وكذا أدخلوا فى الموالاة المنهى عنها السلام والتعظيم والدعاء بالكنية والتوفير بالمجالس وفى فتاوى العلامة ابن حجر جواز القيام فى المجلس لأهل الذمة وعد ذلك من باب البر والاحسان المأذون به فى قوله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم إن الله يحب المقسطين ولعل الصحيح أن كل ما عده العرف تعظيما وحسبه المسلمون موالاة فهو منهى عنه ولو مع أهل الذمة لا سيما إذا أوقع شيئا فى قلوب ضعفاء المومنين ولا ارى القيام لأهل الذمة فى المجلس إلا من الامور المحظورة لان دلالته على التعظيم قوية وجعله من الاحسان لااراه من الاحسان كما لا يخفى من دون المؤمنين حال من الفاعل أى متجاوزين المؤمنين إلى الكافرين استقلالا أو اشتراكا ولا مفهوم لهذا الظرف إما لأنه ورد فى قوم باعيانهم والوا الكفار دون المومنين فهو لبيان الواقع او لأن ذكره للاشارة إلى ان الحقيق بالموالاة هم المؤمنون وفى موالاتهم مندوحة عن موالاة الكفار وكون هذه النكتة تقتضى ان يقال مع وجود المؤمنين دون من دون المؤمنين فى حيز المنع وكونه إشارة إلى أن ولا يتهم لا تجامع ولاية المؤمنين فى غاية الخفاء