فيتجلى عليه على قدر دعائه لا إله إلا هو العزيز فلا يصل احد إلى معرفة كنهه وكنه معرفته الحكيم الذى يدبر كل شئ فيعطيه من مراتب التوحيد ما يطيق ان الدين المرضى عند الله الاسلام وهو المقام الابراهيمى المشار إليه بقوله : اسلمت وجهى اى نفسى وجملتى وانخلعت عن آنيتى لله تعالى ففنيت فيه إن الذين يكفرون بآيات الله وهم المحجوبون عن الدين والسائرون للحق بالميل مع الشهوات ويقتلون النبيين الداعين إلى التوحيد وهم العباد الواصلون الكاملون ويقتلون الذين يأمرون بالقسط وهو نفى الأغيار وقصر الوجود الحق على الله تعالى من الناس ويحتمل ان يشار الذين كفروا م إلى قوى النفس الامارة م بالنبيين م إلى انبياء القلوب المشرفة بوحى إلهام الغيوب وبالآمرين بالقسط القوى الروحانية التى هى من جنود أولئك الانبياء واتباعهم فبشر أولئك الكافرين بعذاب اليم وهو عذاب الحجاب والبعد عن حضرة رب الارباب أولئك الذين حبطت أى بطلت وانحطت عن حيز الاعتبار أعمالهم لعدم شرطها وهو التوحيد فى الدنيا وهى عالم الشهادة والآخرة وهى عالم الغيب وما لهم من ناصرين لسوء حظهم وقلة استعدادهم الم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب كعلماء السوء واحبار الضلال يدعون إلى كتاب الله الناطق بمقام الجمع والفرق 0 ليحكم بينهم وبين الموحدين ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون عن قبول الحق لفرط حجابهم واغترارهم بما أوتوا ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار نار البعد إلا أياما معدودات أى قليلة يسيرة وغرهم فى دينهم الذى هم عليه 0 ما كانوا يفترون من القضايا والأقيسة التى جاءت بها عقولهم المشوبة بظلمات الوهم والخيال فكيف يكون حالهم إذا جمعناهم بعد تفرقهم فى صحراء الشكوك وتمزيق سباع الأوهام لهم ليوم لا ريب فيه وهو يوم القيامة الكبرى الذى يظهر فيه الحق لمنكره ووفيت كل نفس صالحة وطالحة ما كسبت بواسطة استعدادها وهم لا يظلمون جزاء ذلك قل اللهم مالك الملك اى الملك المتصرف فى مظاهرك من غير معارض ولا مدافع حسبما تقتضيه الحكمة تؤتى الملك من تشاء وهو من اخترته للرياسة الباطنة وجعلته متصرفا بارادتك وقدرتك وتنرع الملك ممن تشاء بأن تنقله إلى غيره باستيفاء مدة إقامته فى عالم الاجسام وتكميل النشأة أو تحرم من تشاء عن إيتاء ذلك الملك لظلمه المانع له من ان ينال عهدك أو يمنح رفدك وتعز من تشاء إلقاء نور من أنوار عزتك عليه فإن العزة لله جميعا وتذل من تشاء بسلب لباس عزتك عنه فيبقى ذليلا بيدك الخير كله وأنت القادر مطلقا تعطى على حسب مشيئتك وتتجلى طبق إرادتك وتمنح بقدر قابلية مظاهرك تولج الليل فى النهار تدخل ظلمة النفس فى نور القلب فيظلم وتولج النهار فى الليل وتدخل نور القلب فى ظلمة النفس فتستنير وتخلطهما معا مع بعد المناسبة بينهما وتخرج حى القلب من ميت النفس وميت النفس من حى القلب أو تخرج حى العلم من ميت الجهل وميت الجهل من حى العلم وترزق من تشاء من النعم الظاهرة والباطنة او من إحداهما فقط بغير حساب إذ لا حجر عليك .
هذا ولما بين سبحانه أن إعطاء الملك والاعزاز من الله تعالى وانه على كل شئ قدير نبه المؤمنين على أنه لا ينبغى أن يوالوا اعداء الله تعالى لقرابة أو صداقة جاهلية او نحوهما أو أن لا يستظهروا بهم لأنه تعالى هو المعز والقادر المطلق بقوله عز قائلا : لا يتخذ المؤمنون الكفرين أولياء قال ابن عباس : كان الحجاج بن عمرو وكهمس بن أبى الحقيق وقيس بن زيد والكل من اليهود يباطنون نفرا من الانصار ليفتنوهم عن دينهم فقال رفاعة بن المنذر وعبدالله بن جبير وسعد بن خيثمة لأولئك النفر : اجتنبوا هؤلاء اليهود واحذروا