وتخرج الحى من الميت أى تكون الحيوانات من موادها أو من النطفة وعليه ابن عباس وابن مسعود وقتادة ومجاهد والسدى وحلق كثير وتخرج الميت من الحى أى النطفة من الحيوانات كما قال عامة السلف .
وأخرج ابن مردويه من طريق ابى عثمان النهدى عن سلمان الفارسى قال : قال رسول الله : لما خلق اللهة تعالى آدم عليه السلام أخرج ذريته فقبض قبضة بيمينه فقال : هؤلاء اهل الجنة ولا ابالى وقبض بالاخرى قبضة فجاء فيها كل ردئ فقال هؤلاء اهل النار ولا ابالى فخلط بعضهم ببعض فيخرج الكافر من المومن والمؤمن من الكافر فذلك قوله تعالى : وتخرج الحى من الميت الآية وإلى هذا ذهب الحسن وروى عن اإمة اهل البيت فالحى والميت مجازيان ولطف هذه الجملة بعد الاولى لا يخفى والقائلون بعموم المجاز قالوا : المراد تخرج الحيوانات من النطف والنطف من الحيوانات والنخلة من النواة والنواة من النخلة والطيب من الخبيث والخبيث من الطيب والعالم من الجاهل والجاهل من العالم والذكى من البليد والبليد من الذكى إلى غير ذلك ولا يلزم من الآية ان يكون إخراج كل حى من ميت وكل ميت من حى ليلزم التسلسل فى جانب المبدئ إذ غاية ما تفهمه الآية أن الله تعالى هذه الصفة وأما أنه لا يخلف شيئا إلا من شئ فلا كما لا يخفى وقرأ الميت بالتخفيف فى الموضعين وترزق من تشاء بغير حساب .
72 .
- الظرف فى محل الحال من المفعول أى ترزق من تشاء غير محاسب له أو من الفاعل اى ترزقه غير محاسب له أو غير مضيق عليه وجوز ان يكون نعتا لمصدر محذوف أو مفعول محذوف اى رزقا غير قليل وفى ذكر هذه الافعال العظيمة التى تحير العقول ونسبتها اليه تعالى دلالة عى أن من يقدر على ذلك لا يعجزه أن ينزع الملك من العجم ويذلهم ويؤتيه العرب ويعزهم بل هو أهون عليه من كل هين .
هذا وقد تقدم ما يشير إلى فضل هذه الآية وقد اخرج ابن ابى الدنيا عن معاذ بن جبل قال : شكوت إلى انبى صلى الله تعالى عليه وسلم دينا كان على فقال : يا معاذ اتحب ان يقضى دينك قلت : نعم قال : قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطى منهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء اقض عنى دينى فلو كان عليك ملء الارض ذهبا ادى عنك وفى رواية للطبرانى الآية بتمامها .
ومن باب الاشارة فى الآيات شهد الله أنه لا إله إلا هو أى ابان بدلائل الآفاق والانفس أنه لا إله فى الوجود سواه أو شهد بذاته فى مقام الجمع على وحدانيته حيث لا شاهد ولا مشهود غيره وشهد الملائكة وأولو العلم م بذلك وهى شهادة مظاهره سبحانه فى مقام التفصيل ومن القوم من فرق بين الشهادتين بأن شهادة الملائكة من حيث اليقين وشهادة اولى العلم من حيث المشاهدة وايضا قالوا : شهادة الملائكة من رؤية الافعال وشهادة أولى العلم من رؤية الصفات وقيل : شهادة الملائكة من رؤية العظمة ولذا يغلب عليهم الخوف وشهادة العلماء من رؤية الجمال ولذا يغلب عليهم الرجاء وشهادة العلماء متفاوتة نشادة بعض من الحالات وشهادة آخرين من المقامات وشهادة طائفة من المكاشفات وشهادة فرقة من المشاهدات وخواص أهل العلم يشهدون به له بنعت إدراك القدم وبروز نور التوحيد من جمال الوحدانية فشادتهم مستغرقة فى شهادة الحق لانهم فى محل المحو قائما بالقسط أى مقيما للعدل بإعطاء كل من الظهور ما هو له بحسب الاستعداد