وشرح حال القرآن العظيم وكيفية إيمان الراسخين به أردف ذلك ببيان حال من كفر به بقوله جل شأنه : إن الذين كفروا الظاهر أن المراد بهم جنس الكفرة الشامل لجميع الاصناف وقيل : وفد نجران او اليهود من قريظة والنضير وحكى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أو مشركوا العرب لن تغنى عنهم أي لن تنفعهم وقرئ بالتذكير وسكون الياء وهو من الجد فى استثقال الحركة على حروف اللين أمولهم التى أعدوها لدفع المضار وجلب المصالح ولا أولدهم الذين يتناصرون بهم فى الأمور المهمة ويعولون عليهم فى الملمات المدهلة وتأخيرهم عن الاموال مع توسيط حرف النفى كما قال شيخ الاسلام إما لعراقتهم فى كشف الكروب أو لان الاموال أول عدة يفزع اليها عند نزول الخطوب من الله أى من عذابه تعالى فمن لابتداء الغاية كما قال المبرد وقوله تعالى شيئا نصب على المصدرية أى شيئا من الاغنام وجوز أن يكون مفعولا به لما فى أغنى من عمنى الدفع و من للتبعيض وهى متعلقة بمحذوف وقع صفة له إلا أنها قدمت عليه فصارت حالا وأن يكون مفعولا ثانيا بناءا على أن المعنى أغنى عنه كفاه ولا يخفى ما فيه وقال أبو عبيدة من هنا بمعنى عند وهو ضعيف وقال غير واحد : هى بدلية مثلها فى قوله فليت لنا من ماء زمزم شربه مبردة باتت على طهيان ومن ذلك قوله صلى الله تعالى عايه وسلم : ولا ينفع ذا الجد منك الجد وقوله تعالى : ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة فى الأرض والمعنى لن تغنى عنهم بدل رحمة الله تعالى أو بدل طاعته سبحانه أموالهم ولا أولادهم ونفى ذلك سبحانه مع أن احتمال سد أموالهم وأولادهم مسد رحمة الله تعالى وطاعته عز شأنه مما يبعد بل لا يكاد يخطر ببال حتى يتصدى لنفيه إشارة إلىأن هؤلاء الكفار قد ألهتهم أموالهم واولادهم عن الله تعالى والنظر فيما ينبغى له إلى حيث يخيل للرائى انهم ممن يعتقد انها تسد مسد رحمة الله تعالى وطاعته .
وقريب من ذلك قوله تعالى : وما أموالكم ولا أولادكم بالتى تقربكم عندنا زلفى واعترض بأن أكثر النحاة كما فى البحر ينكرون إثبات البدلية لمن مع ان الأول هو الأليق فى الظاهر بتهويل أمر الكفرة والأنسب بقوله تعالى : وأولئك هم وقود النار .
1 .
- وكذا بما بعد و الوقود بفتح الواو وهى قراءة الجمهور الحطب أى أولئك المتصفون بالكفر المعبدون عن عز الحضور حطب النار التى تسعر به لكفرهم وقيل : الوقود بالفتح لغة فى الوقود بالضم وبه قرا الحسن م مصدر بمعنى الإيقاد فيقدر حينئذ مضاف أى أهل وقودها والاول هو الصحيح وإص \ يثار الجملة الاسمية للدلالة على تحقيق الامر وتقرره أو للايذان بأن حقيقة حالهم ذلك وأنهم فى حال كونهم فى الدنيا وقود النار باعيانهم وهى إما مستأنفة مقررة لعدم الإغناء أو معطوفة على الجملة الاولى الواقعة خبرا لأن و هم يحتمل أن يكون مبتدأ ويحتمل أن يكون فصلا كدأب آل فرعون الدأب العادة والشأن وأصله من دأب فى الشئ دابا ودءوبا إذا اجتهد فيا وبالغ أى حال هؤلاء فى الكفر واستحقاق العذاب حكال آل فرعون فالجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف والجملة منفصلة عما قبلها مستأنفة استئنافا بيانيا بتقدير ما سبب هذا هلى ما قاله بعض المحققين .
ومن الناس من جوز أن يكون الجار متعلقا بمحذوف وقع صفة لمصدر تغنى أى إغناءا كائنا كعدم إغناء