أو بوقود أى توقد بهم بأولئك ولا يخفى ما فى الوجهين أما الأول فقد قال فيه أبو حيان : إنه ضعيف للفصل بين العامل والمعمول بالجملة التى هى و أولئك الخ إذا قدرت معطوفة فان قدرت استئنافية وهو بعيد جاز .
وأما الثانى فقد اعترضه الحلبى بأن الوقود على المشهور الاظهر فى اسم لما يوقد به وإذا كان اسما فلا عمل له فان قيل إنه مصدر كما فى قراءة الحسن صح لكنه لم يصح وأورد عليهما معا أنهما خلاف الظاهر لأن المذكور فى تفسير الدأب إنما هو التكذيب والاخذ من غير تعرض لعدم الإغناء لا سيما على تقدير كون من بدلية ولا لإيقاد النار فليفهم والذين من قبلهم وهم كفارا الامم الماضية فالضمير لآل فرعون وقيل : للذين كفروا والمراد بالموصول معاصر ورسول الله كذبوا بئايتنا تفسير لدأبهم الدى فعلوا على سبيل الاستئناف البيانى والمراد بالآيات إما المتلوة فى كتب الله تعالى أو العلامات الدالة على توحيد الله تعالى وصدق أنبيائه عليهم الصلاة والسلام فأخذهم الله تفسير لدأبهم الدى فعل بهم أى فعاقبهم الله تعالى ولم يجدوا من بأس الله تعالى محيصا وقيل : إن جملة كذبوا الخ فى حيز النصب على الحال من آل فرعون والذين من قبلهم بإضمار قد ويجوز على بعد أن تكون فى حيز الرفع على أنها خبر عن الذين والالتفات للتكلم أولا فى آياتنا للجرى على سنن الكبرياء وإلى الغيبة ثانيا بإظهار الجلالة لتربية المهابة وإدخال الروعن .
بذنوبهم أى بسببها أو متلبسين بها غير تائبين والمراد من الذنوب على الأول التكذيب بالآيات المتعددة وجئ بالسببية تأكيدا لما تفيده الفاء وعلى الثانى سائر الذنوب وفى ذلك إشارة إلى أن لهم ذنوبا أخر وأصل الذنب التلو والتابع ثم اطلق على الجريمة لأنها يتلو أى يتبع عقابها فاعلها والله شديد العقاب امن كفر بآياته والجملة تذييل مقررة لمضمون ما قبلها من الأخذ قل للذين كفروا ستغلبون روى ابو صالح عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن يهود أهل المدينة قالوا لما هزم الله تعالى المشركين يوم بدر : هذا والله النبى الامى بشرنا به موسى E ونجده فى كتابنا بنعته وصفته وأنه لا يرد له راية وأرادوا تصديقه واتباعه ثم قال بعضهم لبعض : لا تعجلوا حتى تنظروا إلى وقعة له أخرى فلما كان يوم احد ونكب أصحاب رسول الله شكوا وقالوا : لا والله ما هو به وغلب عليهم الشقاء فلم يسلموا وكان بينهم وبين رسول الله عهد إلى مدة فنقضوا ذلك العهد وانطلق كعب بن الاشرف فى ستين راكبا إلى أهل مكة أبى سفيان وأصحابه فوافقوهم وأجمعوا أمره وقالوا : لتكونن كامتنا واحدة ثم رجعوا إلى المدينة فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية .
وأخرج ابن جرير وابن اسحاق والبيهقى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أيضا أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما أصاب من بدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود فى سوق نبى قينقاع وقال يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله تعالى بما اصاب قريشا فقالوا يا محمد لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تكن مثلن فأنزل الله تعالى قل للذين كفروا إلى قوله سبحانه : لأولى الابصار فالمراد من الموصول اليهود والسين لقرب الوقوع أى تغلبون عن قريب وأريد منه فى الدنيا وقد صدق الله تعالى وعده رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم