دليل على ما هو المراد ففيه مذهبان فمنهم من يجوز الخوض فيه وتأويله بما يرجع إلى الجادة فى مثله فيجوز عنده الوقف وعدمه ومنهم من يمنع الخوض فيه فيمتنع تأويله ويجب الوقف عنده والذاهبون إلى الوقف من السادة الحنفية أجابوا عما ذكره غيرهم فى ترجيح اليه من الوجوه فعن الاول بأنه أريد بيان حظ الراسخين مقابلا لبيان حظ الزائفين إلا أنه لم يقل وأما الراسخون م مبالغة فى الاعتناء بشأن الراسخين حيث لم يسلك بهم سبيل المعادلة اللفظية لهؤلاء الزائغين وصينوا عن أن يذكروا معهم كما يذكر المتقابلان فى الأغلب فى مثل هذه المقامات وقريب من هذا قوله تعالى : الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت حيث لم يقل والطاغوت اولياء الذين كفروا ولا الذين آمنوا وليهم الله تعظيما لشانه تعالى ورعاية للاعتناء بشأن المؤمنين وعن الثانى بأن فائدة قيد الرسوخ المبالغة فى قصر علم تأويل المتشابه عليه تعالى لأنه إذا لم يعلموه هم كما يشعر به الحكم عليهم بأنهم يقولون آمنا به فغيرهم أولى بعدم العلم فلم يبق عالم به إلا الله تعالى .
وعن الثالث بأنه يلتزم القول بعدم الحصر وفى الاتقان أن بعضا قال : إن الآية لا تدل على الحصر فى الشيئين إذ ليس فيها شئ من طرقه ولولا ذلك لأشكل قوله تعالى : لتبين للناس ما نزل اليهم لان المحكم لا تتوقف معرفته على البيان والمتشابه لا يرجى بيانه فما هذا الذى يبينه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وعن الرابع بالتزام أن إضافة أم إلى الكتاب على معنى فى والمحكم أم فى الكتاب ولكن لا للمتشابه الذى استأثر الله تعالى بعلمه بل هو أم واصل فى فهم العبادات الشرعية كوجوب معرفته وتصديق رسله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وعلى تقدير القول بأن الاضافة لا مية يلتزم الامومة للكتاب باعتبار بعضه وهو الواسطة بين القسمين لأن متضح الدلالة كثيرا ما يرجع اليه فى خفيها مما لم يصل إلى حد الاستئثار وعن الخامس بأن التأويل الذى دعا به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لابن عباس لا يتعين حمله على تاويل ما اختص علمه به تعالى بل يجوز جمله على تفسير ما يخفى تفسيره من القسم المتردد بين الأمرين اللذين ذكرهما الراغب كما ذكره .
وعن السادس بأن الرواية عن ابن عباس انه قال : أنا ممن يعلم تأويله معارضة بما هو اصح منها بدرجات فتسقط عن درجة الاعتبار وعلى تقدير تسليم اعتبارها يمكن أن يقال : مراده رضى الله تعالى عنه أنا ممن يعلم تأويله أى المتشابه فى الجملة حسبما دعا لى به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهذا وإن قيل : إنه متشابه لكنه فى الحقيقة واسطة بين المحكم والمتشابه بالمعنى المراد وعن السابع بان مدح الراسخين بالتذكر ليس لأن لهم حظا فى معرفته بل لأنهم اتعظوا فخالفوا هواهم ووقفوا عند ما حد لهم مولاهم ولم يسلكوا مسلك الزائغين ولم يخوضوا مع الخائضين ويمكن على بعد أن يراد بالتذكير تةنتفاع مجازا أى إن الراسخين هم الدين ينتفعون به حيث يؤمنون به لخلوص عقولهم عن غشاوة الهوى كما انهم آمنوا بالغيب وهذا بخلاف الزائغين حيث صار المتشابه ضررا عليهم ووبالا لهم إذ ضلوا فيه كثيرا وأضلوا عن سواء السبيل وقد قال سبحانه من قبل فيما ضربه من المثل : يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين وعن الثامن بأنه لا بعد فى أن يخاطب الله تعالى عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته ويكون ذلك من باب الابتلاء كما ابتلى سبحانه عباده بتكاليف كثيرة وعبادات وفيرة لم يعرف أحد حقيقة السر فيها والسر فى هذا الابتلاء قص جناح العقل وكسر سورة الفكر وإذهاب عجب طاوس النفس ليتوجه القلب بشراشره تجاه كعبة العبودية ويخضع تحت سرادقات الربوبية ويعترف بالقصور ويقر بالعجز عن الوصول إلى ما فى هاتيك القصور وفى