صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا فما عرفتم منه فاعلموا به وما تشابه فآمنوا به .
الرابع ما أخرج الحاكم عن ابن مسعود عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال : الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد ونزل القرآن من سبعة ابواب على سبعة زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمة وآمنوا بمتشابهه وقالوا : آمنا به كل من عند ربنا .
وأخرج البيهقى فى الشعب نحوه عن أبى هريرة الخامس ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس مرفوعا أنزل القرآن على أربعة أحرف حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تفسيره العلماء متشابه لا يعلمه إلا الله تعالى ومن ادعى علمه سوى الله تعالى فهو كاذب إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على ان المتشابه مما لا يعلم تاويله إلا الله تعالى وذهب بعض المحققين إلى أن كلا من الوقف والوصل جائز ولكل منهما وجه وجيه وبين ذلك الراغب بأن القرآن عند اعتبار بعضه ببعض ثلاثة أضرب محكم على الاطلاق ومتشابه على الاطلاق ومحكم من وجه متشابه من وجه فالمتشابه فى الجملة ثلاثة أضرب متشابه من جهة اللفظ فقط ومن جهة المعنى ومن جهتها معا فالاول ضربان أحدهما يرجع إلى الالفاظ المفردة أما من جهة الغرابة نحو الاب ويزفون أو الاشتراك كاليد والعين وثانيهما يرجع إلى جملة الكلام المركب وذلك ثلاثة أضرب صرب لاختصار الكلام نحو وإن خفتم أن لا تقسطوا فى اليتامد فانكحوا ما طاب لكم وضرب لبسطه نحو ليس كمثله شئ لانه لو قيل : ليس مثله شئ كان أظهر للسامع وضرب لنظم الكلام نحو أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما إذ تقديره أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا والمتشابه من جهة المعنى أوصاف الله تعالى وأوصاف يوم القيامة فإن تلك الصفات لا تتصور لنا إذ لا يحصل فى نفوسنا صورة ما لم نحسه او ليس من جنسه والمتشابه من جهتهما خمسة أضرب الاول من جهة الكمية كالعموم والخصوص نحو اقتلوا المشركين والثانى من جهة الكيفية كالوجوب والندب فى نحو فانكحوا ما طاب لكم من النساء والثالث من جهة الزمان كالناسخ والمنسوخ نحو اتقوا الله حق تقاته والرابع من جهة المكان والامور التى نزلت فيها الآية نحو وليس البر بأن تاتوا البيوت من ظهورها وإنما النسئ زيادة فى الكفر فإن من لا يعرف عادتهم فى الجاهلية يتعذر عليه تفسير هذه والخامس من جهة الشروط التى يصبح بها الفعل ويفسد كشرط الصلاة والنكاح ثم قال : وهذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون فى تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم ثم جميع المتشابه على ثلاثة أضرب ضرب لا سبيل للوقوف عليه كوقت الساعة وخروج الدابة وغير ذلك وقسم للانسان سبيل إلى معرفته كالألفاظ الغريبة والاحكام الغلفة وضرب متردد بين الامرين يختص بمعرفته بعض الراسخين فى العلم ويخفى على من دونهم وهو المشار اليه بقوله لابن عباس رضى الله تعالى عنه : اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل .
وإذا عرفت هذا ظهر لك جواز الأمرين الوقف على إلا الله والوقف على الراسخون وقال بعض أئمة التحقيق : الحق أنه إن اريد بالمتشابه ما لا سبيل اليه للمخلوق فالحق الوقف على إلا الله وإن اريد ما لا يتضح بحيث يتناول المجمل ونحوه فالحق العطف ويجوز الوقف ايضا لانه لا يعلم جميعه أو لا يعلمه بالكنه إلا الله تعالى وأما إذا فسر بما دل القاطع أى النص النقلى أو الدليل الجازم العقلى على أن ظاهره غير مراد ولم يقم