ذكره معه ولما أن بين التصوير الحقيقى الحسمانى والذى ليس هو كذلك منالروحانى من التفاوت والتباين ترك العطف وقوله سبحانه : منه آيات الظرف فيه خبر مقدم و آيات مبتدأ مؤخر أو بالعكس ورجح الأول بأنه الأوفق بقواعد الصناعة والثانى بأنه ادخل فى جزالة المعنى إذ المقصود الأصلى انقسام الكتاب إلى القسمين المعهودين لا كونهما من الكتاب والجملة إما مستأنفة أو فى حيز النصب على الحالية من الكتاب أى هو الذى أنزل عليك الكتاب كائنا على هذه الحالة أى منقسما إلى محكم وغيره أو الظرف وحده حال و آيات ملاتفع به على الفاعلية محكمات صفة آيات أى واضحة المعنى ظاهرة الدلالة محكمة العبارة محفوظة من الاحتمال والاشتباه هن أم الكتب أى أصله والعمدة فيه يرد إليها غيرها والعرب تسمى كل جامع يكون مرجعا أما والجملة إما صفة لما قبلها أو مستأنفة وإنما أفرد الأم مع أن الآيات متعددة لما أن المراد بيان أصلية كل واحدة منها أو بيان أن الكل بمنزلة آية واحدة واخر نعت لمحذوف معطوف على آيلا أى وآيات أخر وهى كما قال الرضى : جمع أخرى التى هى مؤنث آخر ومعناه فى الأصل أشد تأخرا فمعنى جاءنى زيد ورجل آخر جاءنى زيد ورجل أشد تأخرا منه فى المعنى من المعانى ثم نقل إلى معنى عيره فمعنى رجل آخر رجل غير زيدولا يستعمل إلا فيما هو من جنس المذكور أو لا فلا يقال : جاءنى زيد وحمار آخر ولا امرأة أخرى ولما خرج عن معنى التفضيل استعمل من دون لوازم أفعل التفضيل أعنى من والاضافة واللام وطريق بالمجرد عن اللام والاضافة ما هو له نحو رجلان آخران ورجال آخرون وامرأة أخرى وامرأتان أخريان ونسوة أخر وذهب أكثر النحويين إلى أنه غير منصرف لأنه وصف معدول عن الآخر قالوا : لأن الأصل فى أفعل التفضيل أن لا يجمع إلا مقرونا بالألف واللام كالكبر والصغر فعدل عن أصله وأعطى من الجمعية مجردا مالا يعطي غيره إلا مقرونا وقيل : الدليل عى عدل أخر أنه لو كان مع من المقدرة كما فى الله أكبر للزم أن يقال بنسوة آخر على وزن أفعل لان افعل التفضيل ما دام بمن ظاهرة أو مقدرة لا يجوز مطابقته لمن هو له بل يجب إفراده ولا يجوز ان يكون بتقدير الاضافة لان المضاف اليه لا يحذف إلا مع بناء المضاف أو مع ساد مسد المضاف اليه او مع دلالة ما أضيف اليه تابع المضاف أخذا من استقراء كلامهم فلم يبق إلا ان يكون أصله اللام واعترض عليه ابو على بأنه لو كان كذلك وجب أن يكون معرفة كسحر وأجيب بأنه لا يلزم فى المعدل عن شئ أن يكون بمعناه من كل وجه وإنما يلزم أن يكون قد أخرج عما يستحقه وما هو القياس فيه إلى صيغة أخرى نعم قد تقصد إرادة تعريفه بعد النقل إما بالف ولام يضمن معناها فيبنى أو إما بعلمية كما فى سحر فيمنع من الصرف ولما لم يقصد فى أخر إرادة الالف واللام أعرب ولا يصح إرادة العلمية لانها تضاد الوصفية المقصودة منه .
وقال ابن جنى : إنه معدول عن آخر من وزعم ابن مالك أنه التحقيق وظاهر كلام أبى حيان اختياره واستدلوا عليه بما لا يخلو عن نظر ووصف آخر بقوله سبحانه متشبهت وهى فى الحقيقة صفة لمحذوف اى محتملات لمعان نتشابهات لا يمتاز بعضها عن بعض فى استحقاق الارادة ولا يتضح الامر إلا بالنظر الدقيق وعدم الاتضاح قد يكون للاشتراك أو للاجمال أو لان ظاهره التشبيه فالمتشابه فى الحقيقة وصف لتلك المعانى وصف به الآيات على طريقه وصف الدال بما هو وصف للندلول فسقط ما قيل : إن واحد متشابهات متشابهة